بقلم : حمدي رزق
والفريضة الغائبة هنا، الحوار، العلاقة بين المشيخة الأزهرية ومثقفى مصر تحتاج إلى اختراق يكسر حالة التربص، ويذيب ثلوج الشتاء.
من الصالح وطنيا أن يفسح الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مائدته الأزهرية لبعض الناقدين، أو حتى الناقمين على طروحات الأزهر الشريف، ليسمع منهم وليس عنهم حيثيات النقد والرفض، ويجادلهم بالتى هى أحسن، ويبين لهم ما استغلق عليهم من الأمر، فى حوار شفاف دون تصورات رفض مسبقة.
لاتزال مناهج الأزهر الممنهجة المعمول بها فى صفوف الدراسات الأزهرية والجامعية تثير شكوكا، ومتوالية التعيينات الأخيرة فى هيئة كبار العلماء محل رفض، وبيانات الإمام الأكبر وما يصدر عن المشيخة تباعا محل لغط كبير، ما يخلف عند العامة أغلاطا فى الفهم، تلقى بظلالها على صورة الأزهر فى الشارع المصرى، ونتمناه صورة طيبة ومحل اعتبار وحولها إجماع وطنى.
الأزهر ليس حكرًا على الأزهريين، بل مؤسسة وطنية للمصريين جميعا لهم فيها نصيب، وانفتاح المؤسسة الأزهرية على المثقفين المصريين يجلى الكثير من الطروحات الأزهرية التى تصدر محملة بعلامات الاستفهام، فتثير غبار شك مشروع، من حقنا انتقاد الأزهر شيخا ومشيخة وجامعة، مع الحفاظ على الاحترام الواجب للشيخ والمشيخة والجامعة، احتراما للقيمة التى يمثلها الأزهر فى الضمير الوطنى.
القطيعة التى صارت بين المشيخة وقطاع عريض من المثقفين لا تستقيم، كسر هذه الحلقة التى تحول دون الحوار ضرورة وطنية، وانفتاح الأزهر على المثقفين يضيف للأزهر لا ينقص من مقام شيخه، إذا فتح لهم الإمام باب المشيخة، ستهب رياح طيبة.
بعد ٢٥ يناير، كان انفتاح الأزهر على المثقفين حدثا طيبا، وحوارات «مصر المدنية» كانت من علامات هذا الحوار الاستراتيجى إذا جاز لنا الوصف، حوار متصل بالموجبات الوطنية، ولا يغادر مصالح الوطن العليا إلى مصالح حزبية ضيقة، حوار يبنى على قاعدة صلبة، قوامها الأزهر فى قلب الجماعة الوطنية، إن فعلها الإمام فله ثوابها الوطنى، واثق فى رجاحة فكر الإمام أن يصل الرحم مع الجماعة الثقافية حتى لا ينفذ من بين الفرج شيطان المؤامرات الإخوانية الشريرة، حفاوة الإرهابية بالمواقف الأزهرية وتصويرها أنها ضد الحكومة المصرية خيال مريض، للأسف نمدهم بما يتخرصون فى ظل انعدام الحوار المطلوب.