بقلم : حمدي رزق
لقاء رئيس الوزراء، مصطفى مدبولى، فى كفر سعد (قليوبية) مع نخبة من الكُتاب ورؤساء التحرير، بين أهله وناسه، يؤشر على أن الرجل بات موقنًا أن مرحلة العمل المكتبى استنفدت أغراضها، الخطط موضوعة وثابتة، والتكليف الرئاسى بمكافحة ثالوث (الفقر والجهل والمرض) التزام رئاسى فى مرحلة بناء الإنسان، بعد وضع حجر أساس بناء مصر الحديثة، متلازمة البشر والحجر تأخذ مجراها الطبيعى بقوة دفع رئاسية.
تاريخ مصر بعد ثورة 30 يونيو يؤشر على نوعين من رؤساء الوزارات، نوع شعبى يواجه فى الشارع، ويتواصل وجهًا لوجه تحرِّيًا للمشكلات، ونوع يجيد فى المكتب، ويخطط للتنمية مركزيًا، ويحاسب على معدلات الأداء. كلاهما حقق قدرًا من النجاح، المهندس إبراهيم محلب كان عنوانًا لمرحلة المواجهات، ووُصفت مرحلته بوضع حجر أساس دولة 30 يونيو، التى تُعنى بإعمار البلاد بعد سنوات عجاف.
وجاء من خلفه المهندس شريف إسماعيل، فى مرحلة وُصفت بـ«المرحلة الاستكشافية» (الغازية)، التى قررتها القيادة السياسية، بدءًا من ترسيم الحدود البحرية، تأسيسًا على مرحلة واعدة من الاكتشافات الغازية فى المياه العميقة، وهذه تحتاج إلى خبرة بترولية مهمة. كلاهما «محلب» و«إسماعيل» نجحا فى المرور بمصر من أزمتها الاقتصادية الخانقة، خلفهما، المهندس مصطفى مدبولى، يمزج بين الأسلوبين بنجاح لافت، متوالية جولاته فى بحرى والصعيد تُذكِّرك بجولات «محلب»، وخلية العمل التى تجتهد فى رئاسة الوزراء تُذكِّرك بفعالية الأداء المركزى للمقدر المهندس إسماعيل.
خير خلف لخير سلف، «مدبولى» يرسم لنفسه طريقًا ثالثًا يجمع بين الحسنيين، ميزة «مدبولى» أنه أكثر شبابًا، ولا تنقصه حكمة الشيوخ، التى تمتع بها الشيخان «محلب» و«إسماعيل». «مدبولى» ممتحَن، لا يملك رفاهية يوم واحد زيادة فى تنفيذ مشروع، ولا يملك جنيهًا واحدًا زائدًا فى نفقات مشروع، ولا يقبل أنصاف الحلول، يمكن القول إن «مدبولى» هو «محلب» x «إسماعيل» فى آن.
«مدبولى» يحاول جاهدًا، وسينجح فى مهمته الصعبة، مرحلة (الإنسان أولًا)، ونجاحه يتوقف على تواصله مع الأفكار التى يموج بها الشارع، لازم «مدبولى» يشرح نفسه، وحكومته، وبرنامجه، لازم تواصل تنويرى فعال، «مدبولى» يردم الهوة بينه وبين الشارع الشعبى فى كفر سعد، وعليه أن يفكر جديًا فى ردم الهوة بينه وبين الشارع السياسى بحوارات مستوجبة.