بقلم : حمدي رزق
قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ، ومنها.. وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ».
الأنبياءُ فقط لا يُسألونَ.. فماذا عن الجمعيات الخيرية التى جمعت «صكوكًا» بالملايين فى عيد الأضحى، وقبلها فى شهر رمضان.
سؤال، وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ، والسؤال للمقدرين المعتبربن من رموز هذه الجمعيات، والعاملين على جلب التبرعات بقال الله وقال رسوله الكريم، هذا قول الرسول فاتبعوه.
ترجمة قانون الجمعيات الإنجليزية نموذج ومثال، يرسم لنا طريق الشفافية المستوجبة، طالما قانون الجمعيات المصرية لا يلبى حاجتنا للشفافية المرتجاة.
القانون الإنجليزى ينظم عمل الجمعيات على الأراضى الإنجليزية، ويراقب التبرعات التى ترد إليها ما يمكن تسميته مجلس الجمعيات الخيرية، The Charity commmission وتأسس هذا المجلس بقرار من البرلمان البريطانى عام ١٨٥٣، يشرف عليه مجلس أمناء مكون من عدد من الأعضاء ذوى السمعة، وعضوية هذا المجلس شرف كبير. غير مصرح لأى مؤسسة خيرية بالعمل فى بريطانيا دون الحصول على رخصة من المجلس، وكل مؤسسة تدفع ٥٠٠٠ جنيه إسترلينى للحصول على الرخصة، بالطبع بعد التأكد من صلاحية المؤسسة لتكون عضوا فى المجلس، عادة الشعب لا يمنح تبرعاته إلا للمؤسسات المرخصة.
ومهمة المجلس تسجيل المؤسسات، وتقديم النصح فى أسلوب الإدارة، ومراجعة أعمال الأعضاء بصفة دورية، للمجلس الحق فى التحقيق مع أى عضو يشك فى طريقة إدارته أو عدم احترام قوانين المجلس. ومراجعة دورية ودقيقة على توزيع أموال المؤسسات، وأسلوب جمع التبرعات، والاحتفاظ بسجل دقيق عن كل مؤسسة، ويراجع المجلس أحقية المؤسسة فى الاستمرار كعضو من عدمه. (لاحظ جمع وإنفاق التبرعات، عندنا كل من هب ودب يجمع ويطرح ويصرف دون إعلام كاف).
كقاعدة عامة المؤسسات الخيرية ملك للشعب، وبالتالى كل مؤسسة مسؤولة عن تقديم معلومات دقيقة عن أسلوب الإدارة، مصدر أموالها، كيفية استخدام الأموال، هذه المعلومات تنشرها الجمعية على عامة الشعب عن طريق الصحف وكافة أجهزة الإعلام.. (لاحظ على عامة الشعب أرجو أن يكون هذا واضحا).
وأى مخالفة من أى عضو يتم التحقيق فيها من قبل المجلس وتقديم النصح للمؤسسة بكيفية إصلاح الخطأ أو إحالة الموضوع لجهات أخرى للتحقيق فيه. الشكاوى التى تصل للمجلس أحيانا تستدعى إبلاغها للشرطة، خاصة إذا كانت هناك شكوك فى تمويلات إرهابية أو غير قانونية.
اللافت إذا رأى (مثلى وآخرون متشككون) أن الجمعية الخيرية لم تحقق فى كلامه بالأسلوب المناسب فله الحق فى إعادة رفع الأمر لـ«مراقب جمع التبرعات». ليس هذا فحسب، بل ومن حق أى فرد من الشعب رفع شكوى ضد أى مؤسسة خيرية إذا رأى أنها لا تقوم بالعمل المنوط بها، مثلا خسارة فى الأموال، عدم مساعدة المحتاجين، استخدام الأموال للكسب الخاص، مشاركتهم فى أعمال غير قانونية! سكت الكلام وننتظر إفصاحا يبدد الشكوك التى تحوم حول بعض هذه الجمعيات ليس كلها بالضرورة.