بقلم : حمدي رزق
احتراز وجوبى، مجانية التعليم ليست رفاهية، ولكن ضرورة قصوى، لنعتبرها حقا من حقوق الإنسان الأساسية، فصل الحقوق المجتمعية والاقتصادية، وهذه السطور لا تحمل مساسا بالمجانية التى تعلمت فى ظلالها، ولكنها فكرة لا تبتعد عن المجانية بل فى القلب منها تماما.
فى أوروبا والدول المتقدمة تتولى البنوك تمويل الدراسة للطلاب غير القادرين فى الجامعات الأهلية،بقرض ميسر يستحق السداد مع أول راتب يتحصل عليه الخريج بعد تخرجه. وطلاب مصر الراغبون فى الالتحاق بالجامعات الأهلية التى تفتح تباعا فى المدن الجديدة، يستحقون مثل هذه الفرصة فى تمويلات (أقرب للقرض الحسن) من البنوك الوطنية، فرصة مواتية لاستحداث ما يمكن تسميته «بنك الطلبة»، لتمويل الدراسات الجامعية فى الجامعات الأهلية.
يقينا الجامعات الأهلية الجديدة بعلومها الحديثة تكلف كثيرا وكثيرا جدا، ما لا يقدر عليه أصحاب الأحلام من الطلاب وذويهم، من حق هؤلاء فرصة سانحة بجهد حكومى مشكور، التوجيهات بجامعات على مستوى جامعات أوروبا وأمريكا، وبتوأمة مع الجامعات الكبرى ذات الأسماء المتصدرة الترتيب الجامعى عالميا، هذه نقلة نوعية فى التعليم الجامعى، تغادر الفكر العتيق جامعيا، فرصة للحاق بالعلوم الحديثة.
كيف يحرم موهوبون، وطامحون، من هذه الفرصة، لا بد من البحث عن مخرج تمويلى، مثل هذه الجامعات لا تحتمل المجانية بشكلها القديم، الفكر الجديد جامعيا حتما ولا بد من أن يواكبه ويخدم عليه فكر مصرفى مستحدث، والبنوك الوطنية أمامها فرصة للاستثمار فى التعليم، وما أعظمه من استثمار فى المستقبل، التريليونات المجمدة فى المصارف، يستوجب صرف مليارات منها على مستقبل مصر، بالاستثمار فى التعليم، والتخديم على سياسات الدولة المستقبلية.
المشروع التعليمى الحديث مكلف جدا، وعماده الطلاب ذوو المواهب، فكرة المنح التى تخصص للموهوبين لن تكفى، القرض الحسن يحل المشكلة من أساسها، ويغرس ثقافة جديدة، ونحمل الطلاب المسؤولية، يتعلم لكى ينجح، ويلتحق بسوق العمل ويسدد قرضه ولا يرهق موازنة أسرته، أو يفقد فرصته السانحة بسبب ضيق ذات اليد، كم ضاعت علينا مواهب بسبب المجموع فى الثانوية، وبسبب عدم القدرة على تدبير المصروفات التى بلغت أرقاما خرافية.
التعليم أصبح سلعة غالية الثمن، تعز على الكثيرين، ولكن بنك الطلبة يضمن تمويل الحصول على التعليم الجامعى بآجال طويلة، ويمكن لصندوق الاستثمار القومى الخيرى للتعليم الذى تأسس فى ٢٠١٩ (ضمن منظومة الصندوق السيادى) الاضطلاع بهذه المهمة، باعتباره آليّة لتوفير تمويل مُستدام للمشروعات التعليمية، والارتقاء بمستوى التعليم، وفى القلب منها تأسيس بنك الطلبة بشكل مُؤسّسى واحترافى.