بقلم : حمدي رزق
«لا تسألنّ أحداً عن ودّه إياك، ولكن انظر ما فى نفسك له، فإنّ فى نفسهِ مثل ذلك، فإن الأرواح جنودٌ مُجنّدة». (من مأثورات عبد الله بن مسعود رضى الله عنه).
جميل زيارة الأنبا بولا، مطران طنطا وتوابعها، لمسجد السيد البدوى بطنطا، الزيارة تمت بناء على طلب المطران، زيارة محبة وقبول، وفى إطار مبادرة «فى حب مصر»، التى تم تدشينها بمحافظة الغربية لتدعيم أواصر العلاقات الاجتماعية والحب بين المسلمين والمسيحيين، والتى انطلقت الأسبوع الماضى بلقاء جمع بين المسلمين والأقباط بمطرانية طنطا.
مبادرة طيبة، تغبط المحبين، نهر المحبة يتدفق، والمحبة ارتسمت على وجوه دراويش المقام، وتذوق المطران مشروب شيخ العرب «قرفة السمسم»، كان شربه صغيرا فى زيارة أولى، وتحدث فى الحضور عن حبه باكرًا للقطب الصوفى الملقب بالسطوحى.
معروف السيد البدوى بكراماته بين الطيبين، وتشيع بين الدراويش حكاياته، طرف منها يحفظه الأنبا بولا، كما يحفظه أحبار وشيوخ طنطا وتوابعها التى حظيت بالقطب الملثم صاحب الراية الحمراء.
الأنبا بولا بزيارته يسجل أحد عناوين المحبة، وإن تعدوا صور المحبة لا تحصوها، صورته فى السيد البدوى بألف مما تعدون، صورة تقول إن المحبة ساكنة تحت الجلد تحديدًا فى قلوب الطيبين، ليتكم تطالعون كتاب «فقه المحبة» الذى جافاه قساة القلوب.
تجلى هذه الصور الطيبة يمحق صورًا كئيبة هناك فى قرى ضربت بالكراهية، بين ظهرانينا بشر يقتاتون الكراهية، ويصدرون الجفوة، ويظلمون ذوى القربى، ويسمعون غيبًا كتاب «فقه الكراهية».
عقود طويلة تفشت فتاوى الكراهية وصدرتها وجوه قبيحة، وألسنة حداد سلقت إخوتنا بفاحش القول، وهم أقرب إلينا «.. وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ». (المائدة ٨٢)
مقاومة الآفات التى ترعى فى زراعات المحبة بطرق المكافحة اليدوية تخفف وقع الوباء الأسود، ولكن رش الحقول الواسعة على مستوى الوطن يستوجب تدخل الدولة فى مقاومة آفة الطائفية البغيضة، يستوجب الرش الأفقى من أعلى، الوباء شديد ضرب زراعات الوطنية، ورق الزرع اصفر فى الأرض الشراقى لماء المحبة الشحيح.
الأنبا بولا عمل بوصية المسيح بن مريم عليه السلام، «وَلَكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَىءٍ لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا».( بطرس ٨:٤ )، هل روينا الحقول بماء المحبة، هل تشربت الأجيال الشابة معنى المحبة، التى يستبطنها العجائز مثلنا، وهن العظم واشتعل الرأس شيبًا ونحن نتوق لقطرات ندى المحبة تلمع على الورق الأخضر ساعة شروق شمس الوطن.