بقلم : حمدي رزق
«فَبَاتَتْ بَنَاتُ اللَّيْلِ حَوْلِىَ عُكَّفاً / عكوفَ البواكى بينهُنَّ صريعُ» (شاعر الخوارج الطرماح بن حكيم بن الحكم)
بعد تعديل فترة الحظر من ٨ مساء إلى ٤ الفجر، أثبتت حكومتنا السنية أن الكورونا تصنف مصريًا بـ«فتاة ليل»، لعوب يستوجب حجرها ليلًا، معلوم دينيًا «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، والكورونا مفسدة ليلية.
بروتوكولات منظمة الصحة العالمية الوقائية تقول: «توقوا الكورونا ليلًا توقيكم فتيات الليل، وفروا من الكورونا فراركم من فتيات الليل وآخره»!.
الحكمة ضالة المؤمن، أقصد المسؤول، ومن قرر حظر التجوال ليلًا ولا يزال مصرًا عليه، له فى الدنيا حسنة، مسؤول من المسؤولية «دهقين» فى الخروجات الليلية فى الليالى القمرية، نشاطه ليلى، لذا كان واعيًا أريبًا حكيمًا فى تغريم «ولاد الليل»، وحظرهم، تنتظرهم على النواصى فتيات الليل، أقصد فتيات كورونا.
سؤال تأخر طويلًا ولكن لكل سؤال أوان، وتبكير الحظر ساعة فجرًا، ليلحق الناس سعيًا للرزق بأول ضوء، حكيم ولكن ما الحكمة أصلًا من الحظر ليلًا، هل تنشط كورونا ليلًا باعتبارها فتاة ليل فتخالط، وبالنهار تخاف من بوليس الآداب؟. هل تنام نهارًا من شقى الليل واللف على كعابها؟. هل تعد الكورونا مثلًا من جماعة «دراكولا الأصهب»، معلوم مصاصو الدماء لا يظهرون إلا ليلًا، لذا تخشى الحكومة على مواطنيها العُزل فى مواجهة كائنات أسطورية، مصاصو الدماء كائنات ميتة بحاجة لتناول الدماء التى تشربها من الضحايا بعد قتلهم ليلًا، كما تمتص كورونا ماء الحياة ليلًا.
كورونا بالمناسبة لا تنام، والمصريون لا ينامون، قاعدين لبعض، بوزهم فى بوز بعض، وهناك من يتحدى كورونا ولا يرتدى كمامة، واللى يقرب يجرب، وأنا وكورونا والزمن طويل، وإن كنتى نار أنا ميه، وهناك من يتحسب ويتعوذ، بأخفى الألطاف، وهناك من يقرأ عليها «عدية يس»، وهناك زوج طيب لعن سنسفيل كورونا، وهددها بالويل والثبور إذا هوبت ناحية «أم العيال»، مجاملة طبعًا، اللى فى القلب فى القلب، وسرك فى بير إلا إذا..!
معلوم، الإنسان يهاب فترة الليل وليس الظلام الذى يحل فى الليل، والحكومة تخاف على المواطن من الهوا الطاير، لذا تخشى عليه من الليل وآخره، وتبث الإذاعة عادة مع دخول الحظر ونصب الكمائن الليلية اللطيفة أغنية «فات الميعاد» بداية من كوبليه الحظر:
وحرقت الآهات فى عز الليل
الليل ودقت الساعات تصحى الليل
وقسوة التنهيد والوحدة والتسهيد
لسه ما هو مش بعيد.