بقلم : حمدي رزق
طوبى للرحماء لأنهم يُرحَمون» (مت 5: 7)
حديث الرحمة فى كنيستنا الوطنية يسرى وتدركه القلوب بلا عناء.
عطفة البابا تواضروس الثانى على الدكتور «جورج حبيب بباوى» فى مرضه نموذج ومثال.
البابا وجه الأنبا «سيرافيم» أسقف «إنديانا ومتشيجن وأوهايو» لعيادة الدكتور جورج، و«مناولته» حسب رجائه، وفعلا وقبل أيام ذهب الأسقف ومعه القس «إسطفانوس» كاهن كنيسة «إنديانا» إلى منزل الدكتور جورج ومناولته.
الدكتور جورج رد التحية بأحسن منها برسالة شكر لقداسة البابا تواضروس على السماح له بالتناول، كما أرسل العديد من الكهنة الذين توسطوا فى الأمر، رسالة شكر لبابا الكنيسة قالوا فيها: «الأب الحنون الرحيم عظيم الشكر والامتنان لقد تهلل قلبه كالأطفال مرنما ومسبحا وشاكرا لقداستكم وهو يقول لحنو أبوتكم، قد أرسلكم واختاركم الثالوث القدوس بحكمة سماوية وتواضع جم لتضميد جراحات الكنيسة بكل سكينة».
ولمن لا يعرف الدكتور جورج حبيب بباوى هو أحد أبرز تلاميذ مدرسة الأب متى المسكين، وقد كان مدرساً بالكلية الإكليريكية وقريبا من البابا شنودة الثالث، حتى اختلفا كنسيا فى منتصف الثمانينات، فترك مصر معزولا، وذهب إلى لندن حيث قام بالتدريس فى جامعتى توتنهام وكامبريدج وذلك قبل أن يسافر إلى أمريكا ويستقر هناك عميدا لمعهد الدراسات الأرثوذكسية هناك.
عودة المبجل الدكتور جورج إلى شركة الكنيسة الأرثوذكسية خبر يغبط المحبين، البابا تواضروس الثانى فعل خيرا برجل جاور الثمانين عاما من عمره، ويعانى من عدة أمراض كالسكر والضغط، كما أنه يغسل كلى «بلازما»، وأجرى عمليتى قلب مفتوح، وتمنى العودة إلى كنيسته، فأصاب رجاؤه قلب رجل طيب، فعاجله بالتناول.
احتراز وجوبى، وحتى لا ندخل مدخلا ضيقا، أتحدث هنا عن خلق الرحمة، لا أتطرق إلى عقيدة، معلوم شعب الكنيسة أدرى بشِعابها.
الرحمة خلق مسيحى، والبابا دخل على الدكتور جورج من باب الرحمة، إذن لمَ الحط على البابا وتأنيبه وتلويمه، لمَ القسوة فى محل رحمة، البابا حكم الرحمة فى المسألة، لماذا تتحكم القسوة فى العطفة، الرحمة لا تحتاج إلى مجمع مقدس، معلوم الدكتور جورج عزل ولم يحرم، والحرمان للهرطقة وما هو متعلق بالعقيدة، أما العزل فهو عقاب مؤقت تأديبى، وكفى (١٣ عاما) من التأديب المعنوى.
وأخيرا، لماذا تترك الكنيسة هذه العطفة دون بيان بالملابسات، هذا حدث طيب يستوجب توضيحا حتى لا يلتبس الأمر على شعب الكنيسة، وتروّج حكايات ومرويات تنال من شخص قداسته، أَيُلام البابا على عطفته، أَيُلام على طيبته، الرحمة كالمحبة خُلق مسيحى، لماذا تغيب الرحمة عن القلوب، غارت ينابيع الرحمة بعيدا، وتحكمت البغضاء.
فرصة طيبة ليراجع البابا تواضروس قرارات العزل والحرمان جميعا، ويعطف ويتعطف على أولاده جميعا، وفى الأخير «مِنْ أَجْلِ أسْمِى أُبَطِّئُ غَضَبِى، وَمِنْ أَجْلِ فَخْرِى أُمْسِكُ عَنْكَ حَتَّى لاَ أَقْطَعَكَ». (يعقوب ٢: ١٣)