توقيت القاهرة المحلي 06:55:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عودة المحتسب!

  مصر اليوم -

عودة المحتسب

بقلم : حمدي رزق

موجة بلاغات تتحدث بها المانشيتات الإلكترونية، نشهد بوضوح ظاهرة «عودة المحتسب» التى كنا لفظناها قبلًا، والمحتسب والحسبة من مخلفات عصر مضى، عشنا عصرًا كان المحتسب (وعادة غاوى شهرة) يظهر فى قاعات المحاكم متكئًا على عصا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.. ليلهب ظهورنا تكفيرًا.

ليس دفاعًا عن «نقيصة أخلاقية»، ولكن الخشية كل الخشية من عودة المحتسب فى طور جديد، اهتبال الحق فى التقاضى، والتشهير بالناس، ووضعهم أمام القضاء متهمين بارتكاب الكبيرة، والسعى إلى سجنهم، بعد فضحهم فضيحة الإبل.

السؤال: من أعطى الحق لهذا أو ذاك لترهيب المجتمع بسيف الفضيلة، والوقوف من الخلايق موقف المدعى، وإحالة من تسول له نفسه أن يتنفس حرية إلى متهم فى القفص؟.

صحيح تحريك الدعوى العمومية من حق النيابة، ولكن الحركة الدؤوب لجماعة المحتسبين الجدد جديرة بالتوقف والتبين.

التوقف لتبين من وراء هذه الموجة من البلاغات التى تتشح برداء الفضيلة، ومن هو محركها الفعلى، لا أهضم فقط كونها بلاغات للشهرة، أذهب بعيدًا إلى جماعات بعينها تحرك هذه الدعاوى لتقليم أظافر المجتمع وقمع الحرية الشخصية.

النهر يغسل أدرانه.. فقط دعوه يمضى، لكن أن يتطوع نفرٌ من المدعين ليشكلوا من أنفسهم رقباء متمنطقين بالعفة والفضيلة، ويعينون من أنفسهم رقباء على سلوك المجتمع، ويجرجرون من يقع تحت أيديهم إلى ساحات المحاكم، واللى ما يشترى يتفرج على ما يجرى فى مصر.. جد خطير.

القانون جعل تحريك الدعوى العمومية من حق النيابة، للجم ظاهرة «المحتسب»، الذى كان يهتبل القانون اهتبالًا ويسوم البشر سوء العذاب، كنا قد غادرنا هذا المربع المخيف، كيف عدنا إليه؟.

الآن عاد المحتسب يبحث عن فريسة يسوقها حظها العاثر للوقوع فى براثن هؤلاء المحتسبة، ليثيروا زوبعة، ويقبّحوا البشر، ويشقوا القلوب اطلاعًا على النوايا.

وحتى لو انتصر القضاء للحريات، يبقى التفكير الحر نهبًا لفزاعات التكفير، ودوامات التقبيح، ويتحول إلى هدف ثابت ولوحة نيشان لكل مَن فى نفسه مرض، مازورة الأخلاق صارت حِكرًا على نفر من المتبضعين ببلاغات لا تكلف كثيرًا، ولكن تخلف كثيرًا من القلق على الحريات الشخصية، وفى القلب منها حرية الإبداع.

بعد ثورة يناير برزت ظاهرة «المحتسب السياسى»، الذى لم يترك مسؤولًا فى مصر إلا وجرجره إلى النيابة بجملة اتهامات، أغلبها تمس الذمم المالية لشرفاء عاشوا أيامًا سودة حتى ثبتت براءتهم بعد إدانة مجتمعية مخيفة تأسيسًا على بلاغات ثأرية.

سكتنا على هذه البلاغات نكاية وثأرية فى نظام سقط بفعل فاعل، سكوتنا أغرى بالمزيد من البلاغات، ونحن عنها غافلون، ودارت الدائرة على المصفقين والمهللين، نفس الوجوه التى طاردت عصر ما قبل الثورة هى التى تقفت عصر ما بعد الثورة، وصار الكل ما بين فاسد وخائن، إلا من رحم ربى.

نفس الوجوه القبيحة بعد أن فرغت من السياسة عادت سيرتها الأولى تتعقب المجتمع، تحمل عصا النهى عن المنكر، ليس بعيدًا أبدًا عن دعوات عقور تطل من دغل المتطرفين بعيدًا عن سلطة الدولة والقانون، واحتفت المواقع الإلكترونية بوجوه هذه الدعاوى التى لفظها المجتمع، فلم تجد أرضًا خصبة تنبت فيها أشجار الشوك.

اهتبال القانون على هذا النحو، ويصير العنوان العريض «الحرية فى المحكمة»، هذا يورثنا الخوف والخشية من تمدد الظاهرة، ظاهرة «المحتسبون الجدد»، وأُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض، عندئذ سيكون الأمر خطيرًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة المحتسب عودة المحتسب



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:39 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الفلفل الحار يساهم في تخفيف الوزن ودعم التمثيل الغذائي
  مصر اليوم - الفلفل الحار يساهم في تخفيف الوزن ودعم التمثيل الغذائي

GMT 22:31 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلى علوي تشارك بـ 4 أفلام في صالات السينما خلال عام واحد
  مصر اليوم - ليلى علوي تشارك بـ 4 أفلام في صالات السينما خلال عام واحد

GMT 12:17 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

غوارديولا يؤكّد أن محمد صلاح ينتظره مستقبل كبير

GMT 02:00 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

حكايات السبت

GMT 11:37 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

"أحن إليك"

GMT 12:43 2021 السبت ,24 إبريل / نيسان

تيليجرام يساعد الهاكرز على اختراق هاتفك

GMT 10:52 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

الخطيب يطمئن على بعثة الأهلي في تنزانيا

GMT 11:56 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

حسام حسن يقترب من الأهلي أو الزمالك

GMT 18:58 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

نادي بوردو يفوز على أنجيه 2-1 في الدوري الفرنسي

GMT 16:13 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تحليل رابيد تيسيت للاعبي سيراميكا قبل مواجهة الأهلي

GMT 02:58 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

رونالدو يتوج بجائزة جديدة في الدوري الإيطالي

GMT 05:08 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

"صحة البرلمان" تُعلن أن السيسي وضع استراتيجية مواجهة "كورونا"

GMT 12:40 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ليفربول يتحرك لضم أوزان كاباك لتعويض غياب فان دايك

GMT 12:37 2020 الأحد ,25 تشرين الأول / أكتوبر

موعد مباراة أرسنال ضد ليستر سيتي والقناة الناقلة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon