بقلم : حمدي رزق
وكأنه مكتوب علينا ننعى بعض، ونعزى بعض، ونشد على إيد بعض، ونربت على ظهر بعض.
صعقنا «مروان حامد» بتويتة حزينة يعلم الله كيف كتبها: «إنا لله وإنا إليه راجعون، توفى إلى رحمة الله تعالى أبى الغالى الكاتب الكبير وحيد حامد، البقاء والدوام لله وحده، تقام صلاة الجنازة فى مسجد الشرطة فى الشيخ زايد بعد صلاة الظهر».
شد حيلك يا مروان، البقية فى حياتك فى أغلى الناس.. أن تنعى أباك محنة، تأبى الحروف أن تنطق بما تجيش به النفس، سبحان من له الدوام، فقد عزيز وغال، الأستاذ كان غالى علينا قوى.
وقطع بنا نحن المحبين فى منتصف الطريق، الطريق واعر قوى والأستاذ كان فى وسطنا خير مرشد ودليل.. حصيرة الأستاذ كانت واسعة تحتضن المريدين، وجلسته متعة عقلية، وحكمته فى تعاطى الأوجاع كنطاسى (جراح قلوب).
يقولون إن الرجل الصالح ذا العمل الصالح، إذا حم القضاء خرج من داره يملى عينيه من دنياه، ويسلم على من يحب، يودع أهله وناسه، وبعدها ينام قرير العين، ويسلم روحه أمانة عند خالقه راضيا مرضيا.
يوم تكريمه فى مهرجان القاهرة السينمائى قبل أسابيع، توفرت للأستاذ وحيد طلة أخيرة على محبيه، اجتمعوا على محبته، كان يودعهم وهم ينتظرون منه إبداعا جديدا، كان يلقى السلام الأخير ونحن عنه غافلون.
كان يومها مغتبطا وفى حبور.. سلم وودع الأحباب.. وعاد إلى داره يستعد للرحيل، لم نكد نتواعد على لقاء جديد حتى غادرنا إلى السماء، رحيبة سماء رب العالمين تستقبل الأحبة على جناح الرحمة، ألف رحمة ونور على الأستاذ وحيد.
نقول فى وداعه مثل ما قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فى وداع ابنه وقرة عينه (إبراهيم).. قال وما ينطق عن الهوى: «إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون».. وكذا وبالمثل تأسيًا، وإنا بفراقك يا وحيد لمحزونون.
لو كانت هناك وصية للأستاذ وحيد، أتوقعها «الجزء الثالث» من ملحمته الدرامية الأخيرة (الجماعة)، كان عاكفا على إنجازها، وكان متحمسا لكشف ما استغلق من خفايا وأعمال سفلية للجماعة الإرهابية أيام مبارك، جمع كل الكتب بنهم الباحث، واستمع لكل الشهادات بشغف الكاتب، وأتمنى أن يكون أتم عمله الأخير، فى ميزان حسناته، وليتوفر عليها «مروان» مخرجا.. لن يوفى حروف الأستاذ «وحيد حامد» حقها فنيا سوى مخرجه المفضل «مروان حامد».. من صلب فكره، وقارئ عقله.. ابن أبيه إبداعًا.