بقلم : حمدي رزق
ووقَّع كل من «مهاب ياسر»، صانع ألعاب فريق «النجوم»، و«جرجس مجدى» لاعب وسط الفريق، على عقود انتقالهما إلى صفوف «إنبى»، فى صفقة بيع نهائى لمدة ٣ مواسم ونصف الموسم، خلال فترة الانتقالات الشتوية الحالية.. بشرة خير، بدأت تندع كما يقولون.
غبطة إخوتنا المسيحيين بانتقال جرجس (مواليد ٩٦) إلى الفريق البترولى لوَّنت الأجواء الإلكترونية، وتداول الشباب منشورًا لطيفًا: «جرجس مجدى، لاعب مصرى مسيحى انضم إمبارح لنادى إنبى، ووجود جرجس فى الدورى الممتاز ممكن يكون بداية لوجود لاعيبة كورة أقباط تانيين فى باقى النوادى.. عشان نشوف كرة قدم مفيهاش تمييز ولا تعصب والبقاء فيها للأصلح والأشطر بغض النظر عن دينه ومعتقداته، قولوا لجرجس مبروك وعرفوه إننا كلنا فخورين بيه».
جميل، الملاعب المصرية تتجمل، ترسم وجهًا رائعًا من وجوه المواطنة فى بلد التسامح والمحبة. ظهور جرجس فى «الدورى الممتاز» بامتياز يمحق كل صور العنصرية البغيضة التى طفحت كالجدرى، بثور تشوه وجه الكرة المصرية.
كل الحادبين على المواطنة الحقة فرحون بجرجس لاعبًا، ويتمنون مثله فى الملاعب، وإتاحة فرص حقيقية أمام الجميع تعتمد الموهبة حكَمًا، وتبتعد بمسافة عن العنصرية البغيضة التى تطارد المواهب المسيحية فى الملاعب المصرية.
هرمنا ونحن نسمع ونشاهد قصصًا محزنة جرت وقائعها البغيضة فى أندية كبيرة ولم تسلم منها أندية مغمورة، ضربتها العنصرية المقيتة، وابتليت بنفوس مريضة بالطائفية حرمت الملاعب من مواهب كل ذنبها أنها مسيحية.
وسمعنا طرفًا من قصص حزينة اصفر من حقدها العشب الأخضر، واستبعادات أحزنت إخوتنا، وحاول نفر منهم التعويض بتأسيس «أكاديميات كروية» على أساس طائفى، ما استنفر مشاعر وطنية مرهفة الحس الإنسانى، ولولا نفر من الحادبين على المواطنة لصارت قسمة ضيزى (قسمة ظالمة).
واشتعل الرَّأْسُ شَيْبًا حتى نرى مثل هذه اللقطة المضيئة فى الملاعب المصرية، ومنذ تألق كابتن مصر «هانى رمزى» فى الدفاع عن ألوان المنتخب الوطنى، وبعد اعتزاله، هبت ريح مسمومة على النوادى المصرية، وتحكَّم فى الاختيارات القاعدية فى صفوف الناشئين طائفة من المدربين يستبطنون عنصرية بغيضة، ويمنعون من المنبع المواهب التى تحمل أسماء مسيحية.. هنا يستوجب تحية الكابتن حلمى طولان على سعة أفقه، وذكائه، واحترافيته، ووطنيته.
أخيرًا وليس آخِرًا، جرجس مجدى يلعب فى الممتاز، يفتح الطريق سالكًا لنجوم آخرين يسهمون فى توكيد معنى المواطنة.
جرجس فى صفوف إنبى فأل حسن، الملاعب الكروية تقاوم أدران الطائفية، ويقينًا سنشهد تاليًا ظهورات بهيجة لإخوة الوطن فى الملاعب وتسعد بإبداعاتهم الجماهير، يكسب بهم الوطن واحدة من معاركه الكبرى، معركة المواطنة من أشرس معارك المستقبل.
لا أبالغ.. تجليس المواطنة بين الناس تحدٍّ خطير أمام وطن يتغير بجهد جهيد وبإرادة سياسية لا تلين فى مواجهة الطائفية. تجسيد المواطنة على الأرض الطيبة بقرارات فوقية يحتاح إلى تطبيقات شعبية قاعدية، إلى سيادة (فقه المواطنة الشعبية) فى الملاعب والساحات الشعبية فى النجوع الواعرة والقرى فى بطن الجبل التى ضربتها رياح الطائفية. المواطنة فى ملاعب كرة القدم تضمن فوزًا عريضًا للوطن.