بقلم : حمدي رزق
الكتابة عن الأحباب حق مستحق وواجب مستوجب، والكتابة عن أعز الناس فرض عين على المحبين فى كل وقت.
الأستاذ الكبير «صلاح منتصر»، عنوان من عناوين المحبة الحقة، حالة إنسانية فريدة، رقى إنسانى نادر، يصعب أن يمر الصباح دون توقّف أمام سطوره الحانية فى «مجرد رأى» على الصفحة الأخيرة من «الأهرام»، فإذا اعتذر أو سجل غيابًا، نرجوه أن يقطع اعتكافه سريعًا، فى شوق إلى كلماته ترطب حرور الحياة.
محظوظ وثلة من الأحباب أن عشنا زمن الكبار، وتربينا على قيم الحب والعدل والجمال، شيوخنا الأجلاء لهم عيون ترى الجمال جميلا، وترفض القبح كلية، سعى ساعيًا عمى صلاح إلى تقفّى صور الجمال فى نفوس البشر ووجوههم الطيبة، ومعلوم الكتابة الجميلة من حنايا الروح الطيبة، وشيخنا الباسم (كبير المقام) يملك قلبا كبيرا تسع حجراته الجميع، لكل منا موضع فى قلبه، فقط، ونصيبك من حجراته يمينا أو يسارا، ويوزع محبته على الجميع، خيمته مثل خيمة «حاتم الطائى»، كرم محبة تسعنا جميعا.
أكتب محبَّا لمن يحمل الحب للناس جميعا، لم أره سوى باشٍّ باسمٍ فى وجه الحياة، يعالج قسوتها بضحكة بشوش، ويهوّن علينا الصعب، وكل عقدة عنده لها حلال، بتؤدة وعلى مهل وبثقة فى الله يتوفر على أعقد المشاكل، يحللها ويفككها، يسكب عليها بعض ماء من روحه الشفافة، بردًا وسلامًا.
مثل عمى صلاح مثل شيخ العمود فى قديم الزمان، يجلس وسط المحبين فيغمرهم من فضله، يترعهم محبة، فإذا ما امتلأت نفوسهم وأترعت، تركهم ينثرون عبق المحبة فى حلهم وترحالهم، وصاياه وصايا حكيم، وكلماته تحمل عبق زمن الطيبة والإيثَار، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، وشيخنا صاحب فضل.
الكتابة عن العم صلاح منتصر ليست مرتهنة بوقت، أو بفضل، الفضل لله، فقط محبة لله فى لله، محبة فى شخص العم صلاح، شيخ جليل، أعطى الكثير، ولا يزال يحمل الكثير من المحبة، عطشى للكتابة الناعمة، كتابته ذات ملمس ناعم كالقطيفة، ينعشك لا يوترك ولا يقلقك، ولا يضج مضاجعك، تخيل عموده اليومى عنوانه «مجرد رأى»، لا يفرضه عليك، ولكنه مجرد رأى، عنوان راق، يصوغ العم صلاح عباراته فى أدب واحتشام، وبين سطوره ثمة روح طيبة تسرى فى أعطاف الكتابة من قبيل الرجاء، لا نثقل عليه ولكن نشد طرف قميصه، ونهمس وحشتنا يا عم صلاح، قم يا مولانا الطيب، لا يزال المحبون فى انتظار كلمات تنير لهم طريق المحبة.
«مجرد رأى» ليست إطلالة عادية، بل إطلالة حميمية، تفرق معنا كلماتك مع قهوة الصباح، صباحك جميل أستاذنا الجليل، نراك على الصفحة الأخيرة فى الأهرام، لا تتأخر عنا.. وحشتنا.