بقلم - حمدي رزق
لجأت مرغمًا إلى العلّامة «ابن سيرين»، صاحب موسوعة تفسير الأحلام، ألتمس تفسيرًا غيبيًّا لقذف القطارات بالحجارة على خطوط الضواحى، فقال فى الحلم: «رمى الحجارة فى المنام عداوة وسوء فى الخلق والدين».. وفى الواقع يقول وزير النقل، كامل الوزير: موت وخراب قطارات!.
وكأنه شيطان رجيم يمرق على خطوط من حديد، يرجمونه بالحجارة، ويُهلِّلون. قذف القطارات عند دخول المحطات بالحجارة ظاهرة عجيبة. عجيب أمرهم أهكذا تستقبلون القطارات ترحيبًا.
وزارة النقل فسرت الحلم برجاء، تترجَّى المواطنين الطيبين منع أطفالهم من رشق القطارات بالحجارة، ما يُعرض الركاب وسائقى القطارات للخطر، فضلًا عن إلحاق أضرار بالقطارات التى يتم إصلاحها من ميزانية السكك الحديدية، ما يشكل عبئًا إضافيًّا خصمًا من خطة التطوير والمشروعات الضخمة التى يتم تنفيذها لتطوير منظومة السكك الحديدية.
ظاهرة قديمة، من الأمراض المتوطنة مجتمعيًّا، كنت أظنها اختفت مع تحديث القطارات، وتطوير المحطات والمزلقانات. رشق القطارات بالحجارة كان قبلًا من قبيل العبث الطفولى. كان الأطفال يرجمون القطار مدفوعين بشيطنة طفولية. الميل إلى التحطيم حالة تستولى على بعض الأشقياء.
عيال شقِيّة تعبث على شريط القطر، كانوا يتجهزون وكأنهم على موعد مع القطار، ويتبارون فى رشق جرار القطار بالحجارة الطائشة، التى تأخذ سرعة القطار، فتصير مقذوفات تصيب مَن ساقه حظه العاثر جلوسًا جوار الشبابيك.
دخول القطار المحطات على خطوط الضواحى كان مغامرة غير مأمونة العواقب للسائقين، وكان سائقو القطارات يتحسّبون جيدًا عند دخول محطات الضواحى، ويغلقون الشبابيك، ولكنها من زجاج، فتصبح الخطورة مضاعفة مع تطاير الحطام يصيب الوجوه.
إحصاء الإصابات كان مؤلمًا دون ذنب جنوه، وحجم الخسائر كان مروعًا دون مبرر يُذكر، وتحذير الوزارة دليل على ما نقول، وإذا أفلت السائق بجراره من الحجارة، أصابت الحجارة نوافذ عربات الركاب، ما يُحدث إصابات خطيرة تنتهى بعاهات مستديمة، وغالبية الإصابات تكون قاتلة، حيث يتحول الحجر إلى ما يشبه الرصاصة، وتصبح سرعته عند ارتطامه بالنافذة أو المصاب بما يساوى سرعة القطار، زيادة عن السرعة الناتجة عن قوة رمى الحجر، والإصابات تصبح خطيرة، وقد تؤدى إلى الوفاة فى بعض الحالات!.
تقارير السكك الحديدية تشير إلى أن أكثر الإصابات تكون فى العين، حيث يكون وجه الراكب فى مستوى النافذة التى يتم قذفها، وأحيانًا يقوم بعض الصبية فى بعض المناطق ذات الكثافات السكانية العالية بممارسة تلك الجريمة بشكل جماعى نوعًا من اللعب عند مرور القطار.
وزير النقل، كامل الوزير، تقريبًا حط صوابعه العشرة فى الشق من عبث الأطفال على خطوط الضواحى، وخرج متسائلًا: «ذنب الدولة إيه، والقطر ليه يتكسر الزجاج بتاعه بالشكل ده؟، وده خطر على قائدى القطار والركاب!». واستصرخ الأهالى: «يا ريت أهالى الأطفال الذين يلقون الطوب على القطار يسيطرون على أبنائهم، ويعلموا أبناءهم أن هذا القطار مِلْك لهم، وأتمنى من الأهالى منع الأطفال من قذف الحجارة».
وفى الأخير، الظاهرة المزعجة مستمرة، ولا النداءات نافعة، ولا الرجوات شافعة، ولا شرطة النقل قادرة على لجم الظاهرة. يتبقى الوعى، وعى الناس بخطورة قذف الحجارة على القطارات، وتشديد العقوبة المالية، اللى يكسر شىء عليه إصلاحه، ومَن يتسبب فى عاهة فعليه عقوبة رادعة.