بقلم : حمدي رزق
«وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ» (الذاريات/ ٥٥). فى مثل هذا اليوم (٩ مارس) من العام ١٩٦٩ نعى خالد الذكر، الرئيس جمال عبدالناصر، البطل طيب الذكر الفريق أول عبدالمنعم رياض.. نعىٌ خالدٌ للشهيد الحى، نعىٌ محفوظٌ فى ذاكرة شعب يعشق الشهادة، ويتوق إليها، نحن شعب نزف الشهداء زفاف العرس، وتزغرد الأمهات فى طلعة الشهيد، وتتلقى التبريكات، شعب مولف على الشهادة، ومواكب الشهداء تتقاطع فى الطرقات، كل شهيد يصطحب شهيدًا، صحبة إلى الجنان السماوية، إن كان فى أرضك مات شهيد.. فيه ألف غيره بيتولد.. (من كلمات الشاعر إبراهيم رضوان بصوت الكبير محمد نوح).
نعى خالد الذكر لطيب الذكر سيبقى خالدًا على مر السنين، كلمة طيبة تُروى بدماء الشهداء، الفريق أول عبدالمنعم رياض مثل شجرة خضراء وارفة الظلال، يستظل بها الشهداء بعد رحلة العزة والشرف والكرامة، عنوان يقصده الشهداء، والجيش المصرى جيش شهادة، جيش من الشهداء الأحياء. «وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ» (البقرة/ ١٥٤).
نعى ناصر يسجل معانى العزة والكرامة والخلود للشهداء.. وهذه كلماته فى وداع الفريق أول عبدالمنعم رياض:
«فقدت الجمهورية العربية المتحدة أمس جنديًا من أشجع جنودها وأكثرهم بسالة، وهو الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة.
وكان الفريق عبدالمنعم رياض فى جبهة القتال، وأبت عليه شجاعته إلا أن يتقدم إلى الخط الأول بينما كانت معارك المدفعية على أشدها وسقطت إحدى قنابل المدفعية المعادية على الموقع الذى كان الفريق عبدالمنعم رياض يقف فيه، وشاء قضاء الله وقدره أن يُصاب وأن تكون إصابته قاتلة.
إننى أنعى للأمة العربية رجلًا كانت له همة الأبطال، تمثلت فيه كل خصال شعبه وقدراته وأصالته.
إن الجمهورية العربية المتحدة تقدم عبدالمنعم رياض إلى رحاب الشهادة من أجل الوطن راضية مؤمنة، واثقة فى أن طريق النصر هو طريق التضحيات.
ولقد كان من دواعى الشرف أن قدم عبدالمنعم رياض حياته للفداء وللواجب فى يوم مجيد استطاعت فيه القوات المسلحة أن تُلحق بالعدو خسائر تُعتبر من أشد ما تعرض له، لقد وقع الجندى الباسل فى ساحة المعركة، ومن حوله جنود من رجال وطنه يقومون بالواجب أعظم وأكرم ما يكون من أجل يوم اجتمعت عليه إرادة أمتهم العربية، والتقى عليه تصميمها قسمًا على التحرير كاملًا، وعهدًا بالنصرعزيزًا، مهما يكن الثمن ومهما غلت التضحيات».
رحمة الله على خالد الذكر ناصر، وطيب الذكر رياض.. ورهط من الشهداء الأحياء فى قلوبنا دومًا.