بقلم : حمدي رزق
ضابط الشرطة البطل، الرائد صلاح حسنى، كان أيقونة احتفال عيد الشرطة، وقف وقفة بطل أمام الرئيس، وقفة شامخة، وطفق يروى الحكاية، حكاية بطل من مصر. كانت قوات الأمن تتفقد الأماكن لتأمينها، فى مركز «أبوكبير» بمحافظة الشرقية، وقع انفجار رهيب، كان الرائد صلاح حسنى (يومها كان على رتبة النقيب) مرابطا فى الخدمة كالأسد.
الانفجار أطاح بذراعه اليمنى، ووسط اللهيب والنار والدمار والدماء والأشلاء، حمل ذراعه اليمنى بعدما قطعت إثر الانفجار بذراعه اليسرى وسلاحه لم يفارق كتفه، وأصر على مواجهة العناصر الإخوانية التى باغتتهم بإطلاق نار كثيف.
ووسط المواجهة الشرسة سمع صوت فتاة صغيرة خائفة تجرى مرعوبة فى الشارع (الطفلة صابرين) كادت تصيبها الطلقات، فأخذها فى حضنه وهو يحمل ذراعه، بعيدا عن موقع الانفجار، ودخلا «سوبر ماركت» خوفًا على الطفلة من أن تصاب بالرصاص.
سأله ابنه فين ذراعك، فين حضنك، مش هتشلنى على كتافك، همس فى أذن الصغير، ذراعى فداء مصر، حميت بها طفلة مصرية فى سنك، احتضنتها، فيسأله الصغير على فطرته، وهتحمى مصر إزاى دلوقتى، رفع ذراعه اليسرى لأعلى فى قوة وتصميم، مشيرا للشعب كله، أحميها بروحى ودمى.
الرائد صلاح نموذج ومثال على بطولة رجال الشرطة المصرية، وشاهد حى على التضحية والفداء، وسجل أبطال الشرطة حافل بآيات الفداء، منذ شهداء الكرامة الوطنية فى خط القنال من ٦٩ سنة وحتى ساعته وتاريخه سلسال الأبطال لم ينقطع، أحفاد شهداء من ظهر أجداد شهداء، فى مصر يورثون روح الشهادة من جيل إلى جيل تسرى فيهم جينات الشهادة.
ما شاهدناه فى الاحتفال المهيب، طرف من قصة الأمس، شهيد يودع شهيدا، ولو كتبنا نكتب مجلدات، ولو سجلنا لامتلأت الصفحات بالفخار، كل شهيد قصة وحكاية ورواية تروى على الربابة لتحفظها الأجيال.
الشرطة المصرية فى عيدها تقدم أرواح شهدائها شاهدا ودليلا على عظمة التضحيات، وكل عيد هناك مزيد من الشهداء، مواكب الشهداء من الجيش والشرطة تتعانق فى حب الوطن، حب الوطن فرض عليه/ أفـديه بروحـى وعنيه، ليست أغنية ولكنها حقيقة مجسدة على الأرض، دماء زكية رويت بها أرض طيبة.
ذراع الرائد صلاح حسنى دفنت، يقينا يعرف مكانها ويحن إليها، جزء من جسده، ولكنه حى يرزق يواصل مهمته المقدسة، هكذا رجال الجيش والشرطة، كل منهم مشروع شهيد، و«مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْه فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا..». (الأحزاب/ ٢٣).