عام 1973 حدد المؤرخ «ريتشارد موريس» سبع شخصيات كمؤسسين رئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية، بناء على ما سماه «الاختبارات الثلاثية» للقيادة، وطول العمر، والحنكة السياسية.
وهم: (جون آدامز، بنجامين فرانكلين، ألكسندر هاملتون، جون جاى، توماس جفرسون، جيمس ماديسون،
و.. جورج واشنطن). ما يُعرف بـ(الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية).
لو نطق مَن فى القبور.. تخيل حال الآباء المؤسسين وهم يطالعون سير، وصور، وفضائح، وقضايا، مرشحى الانتخابات الأمريكية فى نهاية الربع الأول من القرن الثانى والعشرين، (جوزيف روبينيت بايدن (الابن، اختصارًا جو بايدن، وصفًا «جو النعسان»، ومنافسه اللدود، المهبوش، دونالد جون ترامب)، يقينًا الآباء المؤسسون فى قبورهم يتقلبون على جمر النار.
وعلى طريقة طيب الذكر الأمير «خالد بن سعود»، وبصوت العندليب الأسمر «عبدالحليم حافظ»، وعلى ألحان العبقرى «بليغ حمدى»، الرفاق حائرون، كذا الآباء المؤسسون حائرون، يفكرون، يتساءلون فى جنون، يتهامسون يتخيلون أشياء وأشياء، أسماء وأسماء، ويضيع كل هذا التاريخ الأمريكى هباء!!.
صوت مَن فى القبور يسأل: أعقمت السياسة الأمريكية عن ولادة سياسيين شباب، ولو فى سن الستين، يكاد الأب الروحى «جورج واشنطن» يشد فى شعره الأبيض، أيُعقل هذا، آخرتها، بايدن مواليد (1942) ينافس ترامب مواليد (1946)، ما هذه البلاد التى يحكمها خرف السنين، وكأنه قرأ عنوان قصيدة شاعرنا الجميل
«فاروق جويدة»: «هذه بلاد.. لم تعد كبلادى»!.
ويرد عليه صوت مقبور، ما هذه الرائحة التى تنبعث من مسوغات الترشح، روائح فظيعة، فضائح أخلاقية
(جنسية) ومالية وإنسانية، كيف تستقيم انتخابات القطب الأمريكى بين السيئ والأسوأ، والأسوأ لم يأتِ بعد.
لم يعد هناك «طيب» فى عناوين الانتخابات الأمريكية، الصراع محتدم بين «الشرس والقبيح»، يا ويل العم سام من «اليوم التالى» (يوم الخامس من نوفمبر).
انتخابات يؤمها مرشحا «سوابق»، الصحيفة الجنائية لترامب لا تقل سوادًا عن صحيفة بايدن، الناخبون الأمريكيون، ولاسيما الشباب منهم، ينسحب عليهم الوصف «مكره أخوك لا بطل».
الاختيار بين بايدن وترامب ما يسمى سياسيًّا «الاختيار صفر»، صفر مربع، كلاهما صفر سياسة، وزيرو نزاهة، وقد بلغا من العمر عِتِيًّا، وهن العظم منهما، واشتعل الرأس شيبًا، وبدا الخرف باديًا، بايدن يسلم على الأشباح وهو يقظ، وترامب يعانى عقدة اضطهاد سياسى، وإحساسًا مرضيًّا بمؤامرة كونية، والود وده يعقد صفقة مع شيطانه الروسى!.
وكلاهما عامل فيها حكيم ومُداوٍ، ويوصيان بالديمقراطية حول العالم، ويطلبان بإلحاح تمكين الشباب من الحكم فى بلاد «الواق واق»، ولا ينظر أحدهما لنفسه فى المرآة، لو نظر أحدهما تحت قدميه لتعثر من طوله وهو يركب بساط الريح، كمْ مرة تعثر بايدن، كمْ من سقطات ترامب المريعة!!.
صوت خافت من القبر، حزين على المآلات، يخشى على مستقبل الولايات المتحدة، تهددها الفوضى، يخشى منهما على مستقبل القطب الأمريكى فى مواجهة أقطاب صاعدة واعدة طامحة جموحًا فى الشرق (الصين وروسيا) وفى القارة العجوز، يقينًا يعتور الآباء المؤسسين القلق على مصير «تمثال الحرية» تحت وطأة قمع المظاهرات الطلابية.
الآباء المؤسسون من قبورهم مدعوون إلى مشاهدة «مناظرة يونيو» بين العجوزين الخرفين، وبعدها مناظرة سبتمبر، إن طال بهما العمر، وبعدها سيغلقون على أنفسهم باب القبر حسرة وندمًا مرددين: قل أيمكنك أن ترى مع أول ضوء الفجر/ ما نفخر به بشدة مع آخر بريق الشفق؟. (من كلمات نشيد الاستقلال الأمريكى)!.