بقلم:حمدي رزق
تذكرت مقولة الرئيس السيسى فى قداس ميلاد السيد المسيح، «خدوا بالكم من قداسة البابا»، وأنا أطالع بلاغ المستشار «نجيب جبرائيل» المحامى، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، ضد من سماهم «جماعات الشر» التى تتبنى الهجمة الشرسة ضد قداسة البابا تواضروس وأعضاء المجمع المقدس.
يطالب «جبرائيل» فى بلاغه بسرعة ضبط الجناة وتقديمهم إلى المحاكمة عاجلًا، حيث ارتكبوا جرائم تؤدى إلى تهديد الوحدة الوطنية وإثارة الفتنة الطائفية وتهديد الأمن القومى المصرى وإعاقة السلام الاجتماعى، وإصدار الأمر بإغلاق هذه الحسابات الإلكترونية.
حقيقة، ما كنت أود التطرق لمثل هذه الدعوات الإلكترونية العقورة التى لا أصل لها ولا فصل، منبتة الجذر، مجهولة الهوية، ومثلها كثير سارحة كالحيات فى الفضاء الإلكترونى، لولا بلاغ المستشار «جبرائيل» العاجل إلى النائب العام، ما استشعرت منه فتنة مصنوعة فى أقبية مسحورة، تستوجب من إخوتنا الحذر.
الثابت أن هذه الحملات مدفوعة من لجان إلكترونية تشكلت ظاهريًا لمناهضة قداسة البابا «تواضروس الثانى» شخصيًا، ولكنها تستهدف حقيقة الكنيسة الوطنية ضمن حملة استهداف لكل ماهو رمز وطنى.
الهجمة الشرسة المتجددة على قداسة البابا، بمناسبة ومن غير مناسبة، هجمة ظالمة لا ترعوى لدين ولا لتعاليم، عجبًا أن يتفرغ نفر من شذاذ الآفاق للتهجم على البابا فى وقت محنة، الوطن ممتحن وفى القلب منه الكنيسة.
قداسته لحاله، يمسح الأحزان، ويربت على الرؤوس، البابا فى التحليل الأخير رجل دين، يمسك صليبًا، وادعًا مسالمًا يمشى بين الناس بالمحبة ويطلبها للوطن، وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.
محزن ومؤلم ما يجرى فى الفضاء الإلكترونى، وأعلم أن البابا يتألم كثيرًا، ولن يرضى عنه هؤلاء إلا إذا اتبع طريقهم الذى ينتهى إلى ما يخشاه البابا على شعبه فى قلب الشعب المصرى.
البابا ليس بمعزل عن الناس، ولا يعيش الوطن بل يعيش الوطن فيه، وتعلم على آبائه معنى حب الوطن، والفداء والتضحية.
البابا لا يمارس السياسة، ولا يتعامل بمفهوم الكيد والخديعة، البابا يقف على ثغر من ثغور الوطن منافحًا ومدافعًا، الكنيسة ثغر من ثغور الوطن وعمود من أعمدته الراسخة.
قداسة البابا تواضروس جاء فى ظرف قاسٍ، الوطن فى محنة وفى ابتلاء عظيم، جاء بعد أحداث عاتية هزت الكنيسة كما هزت الوطن، جلس على كرسى «مار مرقس الرسول» باختيار لم يكن له يد فيه، ولم يصوّت حتى لنفسه، لم يطلبها ولكنها جاءت إليه فقبلها حبًا، ولكنه ما كان يتمنى الخروج من الدير أو مفارقة قلايته، حملها أمانة وخشى من حملها الكثيرون، وطلبها الكثيرون، ولكنها صادفت حاملها!
البابا يوازن ويُوائم ويطبطب ويربت ويمسح الأحزان، ويصلى بالشعب ويدعو لسلامة الوطن، لا يملك الكثير، ما يملكه صلاة وتسبيحة، واتباع تعاليم المسيح فى عظة الجبل.
لافت الرفض القبطى الغاضب (حتى ممن ينتقدون قداسة البابا عادة، وهذا من الخلق المسيحى القويم) رفضًا لهذه الدعوة المجهولة، ويشككون فى مصادرها، ويحذرون الشعب القبطى من الانسياق وراء مثل هذه الدعوات الخبيثة خشية على الاستقرار فى الكنيسة.
للأسف فى الفضاء الإلكترونى تتكاثر مثل هذه الهجمات المنظمة على البابا والكنيسة، بإلحاح عقور، وتتلون كالحرباء، وتتشكل وتتخذ أسماء عجيبة، و«حملة التعليم المستقيم» أحدثها وليس آخرها، وسنرى فى مقتبل الأيام عجبًا