بقلم : حمدي رزق
بمجرد الإعلان عن تصفية صرح الحديد والصلب، استلفتنى (الغبطة) التى لوّنت تغريدات وتتويتات جماعة «التصفية هى الحل»، حيث تنادَوْا إلى دعم القرار الصادم، وكأنهم يخوضون معركة فى مواجهة ماضٍ تولى.
حديث الخسارة المحققة حق يُراد به تصفية، والتمنطق بحزام «دافعى الضرائب» لاستنفار مشاعر الطيبين أقرب إلى الاختباء وراء الدروع البشرية، تجييش الناس وراء حديث الخسارة المليارية لا يستقيم وطنيًا، الحوار المجتمعى التخصصى مطلوب، مصر لم تعدم الخبراء، فإذا اجتمعوا على إمكانية التطوير، فَبِها ونِعْمَتْ.
حسن تقدير القيادة السياسية محل ثقة واعتبار، ووجهة نظر جماعة «التصفية هى الحل» باعتبارها آخر الحلول، وآخر الداء الكى، لها وجاهتها الاقتصادية، مَن ذا الذى يتحمل متوالية خسارة مليارية؟!، ولكن هناك رؤية أخرى من زاوية أخرى تستحق التوقُّف والتبيُّن، لا التسفيه والتلويم، ضرورة البحث عن حلول اقتصادية وتكنولوجية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
تصدير شعار «التصفية هى الحل» مصادرة على اجتهادات وطنية معتبرة تتحدث عن إمكانية الإنقاذ، وزيادة فى التعسف يلومون الحكومة على التأخر فى القرار، لماذا صبرتم على الذبيحة حتى تعالى خوارها، أقصد خسارتها؟!
أَعمى يَقودُ بَصيرًا لا أَبا لَكُمُ.. قَد ضَلَّ مَن كانَتِ العميانُ تَهديهِ.
جماعة «التصفية هى الحل» كالعميان فى بيت الخزف، لا ترعوى لتاريخ ولا بصناعة وطنية ولا إسهام فى المجهود الوطنى لهذه الشركات فى المَحَكّات الوطنية.
ليس هكذا تُورَد الإبل، تحس أن بينهم وبين القطاع العام (قطاع الأعمال) تار بايت، نفس الجماعة التى تستهجن قيام الجيش الوطنى بواجبه فى إنقاذ الاقتصاد الوطنى من ربقة الانكشارية الاحتكاريين.
نفس الوجوه، بنفس التغريدات والتتويتات والمقالات، لوبى نهم لا يشبع أبدًا من نهش لحم الصناعة الوطنية.
مقارنة سعرية بين منتجات قطاع الأعمال، طعام البسطاء، ومنتجاتهم الملفوفة فى ورق سوليفان، تُحيلك إلى ما يَصْبُون إليه من إطلاق شعار «التصفية هى الحل»، الاستفراد بالسوق، والباقى معلوم وبالسوابق يُعرفون.. طن الحديد بكام النهارده؟
خسائر الشركات الموعودة بالتصفية، (ومنها مجمع الحديد والصلب)، قدَر لا مفر منه، الشركات الوطنية تحملت (السعر الاجتماعى) ردحًا من الزمن، فضلًا عن تقادم التكنولوجيا دون نظرة مبصرة مستقبليًا لمصير هذه الشركات، وتحميلها فى العقد الأخير بألوف مؤلَّفة من العمالة الزائدة، فضلًا عن البطالة المُقنَّعة، يسمونه (الواجب الاجتماعى).
الشركات والمجمعات الصناعية دفعت على مدار عقود من دم القلب ضريبة وطنية مقررة عليها فوقيًا، وتحملتها صابرة، وتُساق إلى التصفية الآن كالخيول العجوزة.
على جُنوبهم يتقلبون فى فرش ناعمة، ويُغردون مرحى مرحى بالتصفية، لا يرون فى قطاع الأعمال سوى سَيِّئة الأعمال، خلاصته التصفية مطلب لهؤلاء، حيث لا يتبقى على المداود سوى خيول القطاع الاحتكارى ترمح فى البرارى.