بقلم : حمدي رزق
لقد أسمعت لو ناديت حيًا، عقد كامل تزعق مصر على العالم بحقها التاريخى والثابت فى مياه النيل، عشر سنوات فى مفاوضات (مراوغات) بائسة، تظللها دعايات إثيوبية مخاتلة عن مشروع نهضوى فى المنبع يقتل الجيران عطشًا عند المصب.
وفى ظل مواقف عالمية ملتبسة مصالحيًا، تكفل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالمهمة، أسمع العالم ما لم يسمعه قبلا عن مفاوضات السد الإثيوبى، كشف الغطاء، خلاصته كلمتان، موقف مصرى عادل، وموقف إثيوبى مخاتل..
الترجمة السياسية لحديث «ترامب» حول السد الإثيوبى ليست فى نسف السد أو التفاوض من حوله، كما تلقفتها كلاب الإخوان العقورة فى إسطبل قردوجان، ولكنها فى إعلان شفافية ونصاعة وقوة الموقف المصرى، واتخاذه التفاوض سبيلا من موقف قوة.
الرئيس الأمريكى، بالتوصيف الدقيق، يدلى بشهادة تاريخية، الوسيط الأمريكى يشهد على تعنت أديس أبابا فى المفاوضات، ويعلن على العالم أن مصر استنفدت كل أرصدة المفاوضات، ولا يلومها ولن يلومها أحد إذا قررت وضع حد لمراوغات المفاوض الإثيوبى.
ابتداء وانتهاء، وقبل الأكل وبعده، وقبل أن تنام على جنبك مرتاحًا، القرار المصرى مستقل تماما، وفى أياد مصرية أمينة وحكيمة، القرار المصرى يتخذ فى القاهرة، لا فى واشنطن، ولا توعز به قوى شريرة.
وأزيد من الحكى، القرار المصرى فى أياد قوية ممسكة بناصية الأمر تمامًا، يحكمه فحسب اعتبارات الأمن القومى المصرى، وتقترب من المقدسات فى أحكامها، وخطوط الأمن القومى واضحة تماما فى عقل القيادة المصرية.
لا تذهب بعيدا وتقلق، أذكرك بخط الأمن القومى تجاه ليبيا، الخط الأحمر، خط سرت/ الجفرة، هل اقترب منه الوالى التركى خطوة، يصعقه المصريون إذا لامسه.
فقط أذكرك، بالأمس القريب، بحملة الإخوان والتابعين على الخط الأحمر، وتسفيه القرار المصرى الحاسم، وتسخين الجبهة الليبية لاختبار السيسى، والأيام أثبتت أن القرار هنا فى مصر، ومصر من تتخذ القرار، القرار المصرى مصرى بإرادة مصرية وليس مرتهنًا بإرادة أخرى.
خلاصته، عندما تقرر مصر تنفذ، لا تنتظر الإذن، وعندما قررت المضى قدمًا فى المفاوضات مع الجار الإثيوبى حول سد النهضة، كان قرارًا مصريًا، ولايزال القرار مصريًا، وعلى طاولة المفاوضات حتى تتقطع الأنفاس فى سعى حثيث نحو اتفاق يؤمن للمصريين حقوقهم التاريخية، قوة الموقف المصرى ليست محلاً للشك والتشكيك، الموقف المصرى واضح لا لبس فيه، مصر تتعامل بشرف فى زمن عز فيه الشرف.