بقلم : حمدي رزق
لأبى الطيب المتنبي بيت شعر من قصيدته الخالدة «على قدر أهل العزم» يقول فيه:
«عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتى العَزائِمُ/
وَتَأتى عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ».
نعم، وَتَأتى عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ، كرام المتبرعين فى بر مصر يستوجب مكافأتهم بسخاء، سخاء مقابل كرم، هكذا تستقيم المعادلة المجتمعية.
الإعفاءات الضريبية المقررة على التبرعات، فى حدود 20%، لا توفر الحافز الكافى لاستدرار سيل التبرعات، هناك علاقة طردية بين كم التبرعات، ونسب الخصم المقررة، كل 1% زيادة فى الإعفاءات يؤثر بالإيجاب على كم التبرعات.
نعم تُعوزنا الأرقام، تبرعات وإعفاءات، ولكن الثابت أن الإعفاءات التى تُخصم من الوعاء الضريبى أقل من المطلوب لمضاعفة حجم التبرعات، المشروعات القومية الضخمة التى تمولها الصناديق الخيرية فى أمَسّ الحاجة إلى تدفقات مالية مصدرها الرئيس التبرعات.
لن نذهب بعيدًا، صندوق «تحيا مصر» نموذج ومثال، صندوق يمول مشروعات قومية عظيمة مثل «حياة كريمة» باستثمارات 500 مليار جنيه، وحملات صحية ناجحة مثل «علاج مليونى مريض من فيروس سى»، وقائمة طويلة من المشروعات الحياتية، التى تشكل عصب الدولة المصرية الجديدة.
هل كافٍ إعفاء 20% من الوعاء الضريبى؟!.
مجرد اجتهاد، فكرة مُهداة إلى وزير المالية، الدكتور محمد معيط، لماذا هذا التقتير فى الإعفاءات على هكذا تبرعات فى عمق تمويل المشروعات والحملات القومية، هل يتساوى صندوق يمول مشروعًا قوميًا بنصف تريليون جنيه فى نسبة الإعفاءات 20% بالإعفاءات المقررة فى صناديق وجمعيات خدمية وطبية أخرى؟!، أعتقد أن نسبة الإعفاءات تحتاج إلى جدول جديد بنسب مبتكرة، صندوق «تحيا مصر» 50%، كحد أقصى، والتبرعات فى المجالات التعليمية والطبية 40%، وهكذا دواليك، حسب الأهمية التى تقررها التوجهات القومية.
مطلوب من الدولة تحديد عشرة مجالات للتبرعات هى الأَوْلَى بالتبرعات لأهميتها المجتمعية فى خطط التنمية، وتقرر نسب الإعفاءات، يقينًا ستتدفق التبرعات، إذا أحس المتبرع بأن الدولة تكافئه سنويًا بالخصم المكافئ من الوعاء الضريبى، فلن يتأخر.
حفز المتبرعين مثل حفز المستثمرين، مثل حفز المُصدِّرين، الحوافز مستوجبة، بخصم قدر مكافئ من التبرعات من الوعاء الضريبى لهؤلاء المتبرعين، إعفاء كافٍ لتشجيع التبرعات، سيرد التبرع إليهم فى إعفاءات ضريبية مقررة بالقانون، ويستوجب أن تكون الحكومة كريمة جدًا فى هذه الإعفاءات لحفز التبرعات، الشح مقابل الكرم معادلة لا تستقيم، على وزير المالية أن يَبْحَث عَمَّا يُقِيمُ أوَدَهُ، ومَا يَسُدُّ رَمَقَهُ إلى التبرعات.