بقلم : حمدي رزق
المفارقة فى واقعة استشهاد اللواء ياسر عصر، وكيل الإدارة العامة لشرطة النقل والمواصلات، أنها جاءت فى حادث حريق بمحطة تهوية (مسرة)، بعدما استطاع الشهيد البطل قبلاً السيطرة على حريق هائل، وكان حينها برتبة عقيد، مأمور قسم الضواحى، وصباح الخميس ٧ يناير ٢٠١٦، اشتعلت النيران فى القطار ١٥٥١ القاهرة/ طنطا، وحينها لم ينتظر وصول دعم، فاقتحم النيران بشجاعة، وبدأ فى إخلاء الركاب، وببطولة أنقذ المئات، ومنع بطوله امتداد النيران لعربات أخرى.
وإذا جاء أجلهم، حزنت (وأهله وناسه يشيعونه بالدموع فى مشتهر بطوخ) على استشهاد اللواء عصر، نموذج ومثال للتفانى فى خدمة الوطن، ومثله كثير من رجالات الشرطة المحترمين، أرواحهم فداء لوطن يستحق كل تضحية، ولأسرته أحر التعازى، عاش بطلاً ومات بطلاً، عاش فى خدمة وطنه، ومات وهو يخدم وطنه.
مثل هذه التضحيات العظيمة تلهمنا الصواب الوطنى، معنى الواجب المستوجب، معانى التضحية والإيثار والفداء، افتقدناها طويلا، مثل هذه التضحية، الجود بالنفس، تعنى الكثير، وكتاب الشهداء فى مصر متخم بآيات الفداء.
الله يرحمه استشهد أثناء تأدية واجبه، قُدر له أن يرحل ليترك لنا وفينا معنى تأدية الواجب حتى النفس الأخير، معنى أن تكون محبًا لوطنك أولاً، أن تفديه بالروح طوعًا مختارًا، أن تضع الوطن نصب عينيك، ولا تعدو عيناك عنه، وإذا ما حُمّ القضاء فكن لله من الشاكرين إن كتب لعمرك نهاية رائعة يذكرها الناس من بعدك، مر من هنا رجل صالح.
تضحيات الشرطة المصرية تطوق جبيننا، ونحن لهم من الشاكرين، وكتاب الشهداء فى الداخلية (والقوات المسلحة) صفحاته تروى آيات من الشهادة والتضحية والجود بالنفس، وتكريمات الرئيس السيسى لأسر الشهداء تيقن هذه المعانى الطيبة فى النفوس، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، والشهداء أصحاب الفضل فيما بتنا عليه من أمن وأمان، ولولا هذه التضحيات الجسام لكان للوطن وجه آخر، الحمد لله وجهه صبوح، مشرق من إشراق شمس الصباح.
فلنترحم عليهم جميعًا ونقرأ فاتحة الكتاب، ونتمعن فى مثل هذه التضحيات، الداخلية تهب الوطن أغلى الرجال حبًا وفداءً لهذا الوطن، لواء شرطة يستشهد، فى تأدية الواجب كلنا سواء، الوزير مثل الخفير، كلنا جنود، كل منهم فى موقعه مشروع شهيد، طوبى للشهداء.