هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ

البحترى هو أبوعبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخى الطائى، أحد أشهر الشعراء العرب فى العصر العباسى، وللبحترى بيت شعر يقول:

وما تخفى المكارم حيث كانت

ولا أهل المكـارم حيث كـانوا

توقف وتبين، ناس وناس، ناس من ماس، وناس تتباس، وناس تنداس، والمصرى الأصيل يفرز بفطرته الناس، ويميز من يتحط ع الراس، ومن تحت المداس ينداس، وهذا شرحه يطول، ولن يزيدنا العتاب إلا خسارا، وكما قال المصرى وعتاب الندل اجتنابه، وخسارة قليل الأصل مكسب.

قبل وفاته، أوصى الشيخ زايد آل نهيان أبناءه بمصر، وقال فى وصيته: «نهضة مصر نهضة للعرب كلهم.. وأوصيت أبنائى بأن يكونوا دائمًا إلى جانب مصر.. وهذه وصيتى، أكرّرها لهم أمامكم، بأن يكونوا دائمًا إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة للعرب كلهم.. إن مصر بالنسبة للعرب هى القلب، وإذا توقّف القلب فلن تُكتب للعرب الحياة».

تظل دولة الإمارات العربية، ويظل أبناء طيب الذكر الشيخ زايد نموذجا ومثالا، يحبون مصر وأهلها ويخشون عليها ويقفون منها موقف الشقيق وقت الضيق، ولم يصدر عنهم تاريخيا وحاضرا إساءة، ولا تصادف إماراتيًا إلا ويُعبر عن حبه لمصر وأهلها، كل هذا الحب من نبع الشيخ زايد الصافى.

شتان، ولا يستويان، هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ، وفى موقف إنسانى نادر وقف رجل إماراتى فى فيديو منشور، متكلفا ببناء مصلى ووقف باسم طبيب الغلابة الدكتور محمد مشالى، فى شارع خليفة، بالإمارات العربية المتحدة، حيث نشر الرجل مقطع فيديو ظهر فيه ويحيط به أطفال عائلته، ليعلن عن تخصيص قطعة أرض لتصبح مصلى ووقفا باسم الدكتور المصرى الراحل.

وقال الرجل الإماراتى فى مقطع الفيديو الذى انتشر بكثافة عبر منصات التواصل الاجتماعى: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. روينا هذه الأشجار وزرعناها وسوينا مصلى وأطلقنا عليه مصلى طبيب الغلابة.. اللهم اجعلها صدقة عنه وعن والديه وعن المسلمين الأحياء والأموات.. وهذا على شارع الشيخ خليفة.. وبتكون اللوحة هذه موجودة وبتظل ذكرى».

لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، يقول الرجل: «حقيقة الرجل إحنا ما عرفناه إلا بعد وفاته بأيام، وبغينا نسوى المبادرة هذه تقديرًا للرجل هذا والأعمال اللى قام بها جزاه الله خير.. ونتمنى أن يتحلى الجميع بالشىء هذا، لأن فعلًا الرجل رجل عظيم ما شاء الله عليه وسوى المستحيل جزاه الله خير وغفر الله له ولوالديه».

وأختم بقول الشافعى:

إِذا لم تجودوا والأمورُ به تمضى/ وقد ملكتْ أيديكمُ البسطَ والقبضا

فماذا يرجّى مـنكمُ إِن عزلـتمُ/ وعضتـكُمُ الدنـيا بأنيابِـها عَـضّا

وتسترجعُ الأيامُ ما وهبتكم/ ومن عادةِ الأيامِ تسترجعُ القرضا