بقلم : حمدي رزق
تجنبت الاشتباك مع حادثة طفل السيارة ثقة فى تصرف «النيابة العامة»، وقد تصرفت وفق أحكام المادة «١١٩» من قانون الطفل، والتى ألزمت بعدم الحبس الاحتياطى للطفل الذى لم يجاوز خمس عشرة سنة، وفى ضوء ما أوصى به الأخصائى الاجتماعى من تسليم الطفل المتهم إلى ولى أمره مع أخذ التعهد بحسن رعايته «ربايته» وإخضاعه للتأهيل وجلسات تعديل السلوك.
إلى هنا والتصرف عاجل وسليم قانونيا، ومعلوم لا أحد فوق القانون قاعدة مستقرة مجتمعيا، ولكن الطفل «تحت ١٥» خرج من النيابة على المجتمع ببث مباشر مستفز، مع أصدقائه، يحوى ألفاظًا بذيئة، وهرتلة مرزولة: «مش إحنا اللى نتحبس وإحنا مش زيكو»، ما جلب على والده اللعنة، ومطالبات مجتمعية بالاعتذار، بلغت حد المطالبة بعزله من منصبه القضائى، مع تلميحات فجة بأنه جرى مجاملته لكون والده قاض، رغم التحفظ عليه شرطيا بسبب الفيديو القذر، إعمالا لحق المجتمع.
حسنًا فعل المستشار رضا محمود، المتحدث الرسمى لنادى القضاة، خرج على الجميع قاطعا الطريق على هواة الصيد فى الماء العكر، ووضع النقاط فوق الحروف التى شاهت فى الفضاء الإلكترونى: «لا أحد فوق القانون والمساءلة».
ودلل على ما انتهى إليه بأن: «النائب العام فتح تحقيقا فى الواقعة وتم اتخاذ الإجراءات القانونية»، لافتا أن القضاء أسمى من أن يتدخل فى مثل هذه الأمور والجميع أمام القانون سواء.
القضية الخطيرة التى كشفتها الواقعة الفردية أن هناك تربصا بالقضاء، وربطا شريرا بين القضاء والواقعة، والقول بأنه لو كانت الواقعة لأى شخص آخر، هل كانت ستتم إدارتها بنفس الشكل القانونى؟، فى محاولة رخيصة من بعض المغرضين للنيل من هيبة القضاء وإفقاد الشعب الثقة فى قضاته.
هنا مربط الفرس.. هل النيابة تأخرت؟ هل النيابة تصرفت؟ هل النيابة نفذت القانون؟ نعم حدث كل هذا وأكثر، إذن ما المطلوب؟ الهجمة الإلكترونية الموجهة تجاوزت الطفل «ناقص الرباية» إلى والده المستشار «اللى معرفشى يربى» إلى الهدف الأخير، «علشان ابن مستشار»!
بعيدا عن استهداف القضاء المصرى، وهذا هدف ثابت ومستدام لعديد من الجماعات الإرهابية والمنظمات الحقوقية داخل وخارج البلاد، فى مصر ١٧ ألف قاض يؤدون واجبهم بإخلاص، ويصدرون أحكامهم وفق القانون.. هل تنتهك سمعتهم وتسوء سيرتهم فقط لأن ابن مستشار أساء الأدب.. لأن ابن أحدهم انجرف فانحرف عن الطريق القويم؟، يتأدب، يتقوم سلوكيا، ولكن الربط الجزافى بين القضاة وحكم على طفل بتعهد الراعية حسب القانون.. من له مصلحة فى الزج بالقضاء فى واقعة فردية قام بها طفل أرعن؟!