»فى النهاية ستدرك أنك لم تكن تطلب الكثير، لكنك كنت تسأل الشخص الخطأ»... والخطاب لرئيس الوزراء «مصطفى مدبولى».
الرجل لم يطلب الكثير من كبار مصنعى ومنتجى وموردى السلع الغذائية، والهندسية والإلكترونيات، وممثلى كبريات السلاسل التجارية، (يمثلون أكثر من 70% من حجم السوق).
أقل القليل، فحسب خفض الأسعار خلال 48 ساعة بما يتراوح بين 15% و20%، على أن تزيد مستويات الانخفاض تدريجيًّا خلال الأيام المقبلة، لتصل إلى 30% بعد عيد الفطر...
أخشى أن المهندس مدبولى كان يسأل الشخص الخطأ: «يا مآمنة للتجار يا مآمنة للمية فى الغربال»، والكلام للفريق الحكومى المفاوض، ولو أقسم التجار بأغلظ الأيمانات، ولو وقع الموردون على تفاهمات، اللى فيه داء السعار لا يكف عن النهش!!.
يا مستنى السمنة من بطن النملة لا انت طابخ ولا قالى... والكلام إليك يا جارة، أخشى خسارة الحكومة تلك الجولة المفصلية فى معركة السيطرة على الأسواق. بالسوابق التجار (تجار الأرنص) يُعرفون، وينكصون عن التفاهمات الحكومية، كم تفاهمات جرت قبل، وهنروح بعيد ليه، إذا كانت سياسة التسعير قد نجحت فى لجم أسعار السكر، يمكن البناء عليها فى سياسة التسعير التفاهمى الذى تتبناه الحكومة.
حذارِ من غدر التجار، تجار الأقوات مثل تجار القات لا يرعوون لتفاهمات ولا يفون بعهود، وفى مثل هذه الحالات ينصح المسرحى الأيرلندى «جورج برنارد شو»، (قبل أن تبدأ بالشىء، عليك أن تفكر كيف تُنهيه)، مهم أن تفكر الحكومة فى إنهاء سعار الأسعار.
آخر الدواء الكى، الكى بالتسعيرة الجبرية، ترك السوق سداحًا مداحًا لشهوات التجار لا يستقيم مع قوانين السوق فى المراجع الاقتصادية المعتمدة دوليًّا، ولسنا استثناء.
لا يصح ترك المستهلك أعزل فى مواجهة سعار التجار. وهذا أقل القليل، الواجب المستوجب على الحكومة، ولا عذر لها فى ظل توجيهات رئاسية بكبح الأسعار تخفيفًا عن كاهل الطيبين.
خلصت فيك يا مدبولى كل الكلام، من أغنيات عمرو دياب، الحكومة فى السوق مثل الطيف فى المنام، على طريقة أنا زارنى طيفك فى منامى، إذا حضرت لا تُعد، بضم التاء، وإذا غابت لا تُفتقد، بضم التاء.
أن تأتى متأخرًا خير من ألّا تأتى، الحكومة، (والحمد لله)، تسجل حضورًا بعد غياب طال، ليس كل تأخيرة فيها خيرة، الحكومة تأخرت كثيرًا، الحكومة تتحرك على أرض زلقة، وتواجه شبكة عنكبوتية من اللوبيات الاحتكارية، التى تمكنت من مصادرة الأسواق لصالحها ومصالحها، وتموضعت، ولن تسلم للحكومة طواعية.
الحكومة تيقظت متأخرًا لمعاينة الأضرار، ومعالجة الآثار السلبية المتخلفة عن رفع يدها طويلًا من الأسواق تحت زعم حرية السوق، ونظرية العرض والطلب، وهذا زعم مخاتل.
القضية لا هى عرض ولا هو طلب، ولا سوق حرة ولا سوق مقيدة، هناك احتكارات، والحكومة فى قبضتها قانون الاحتكار، أخشى دون (التسعيرة الجبرية المعلنة)، وكأن الحكومة تنقش على سطح الماء.
التفاهمات على التسعير (وديًّا) تصح فى سياقات طبيعية، ولكن فى الأزمات المخططة التى تعكس بالسالب على الشارع، لا يجوز ترك المستهلك نهبًا لشهوات التجار، عادة «تجار الأرنص» ينشطون فى الأزمات لمص دماء المستهلكين دون استشعار لخطورة المسلك الانتهازى.