بقلم : حمدي رزق
إذا كان رئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد، صادقًا فى قوله أمام البرلمان الإثيوبى (الثلاثاء): «لا نرغب فى الإضرار بمصالح مصر والسودان المائية»، فليترجم الأقوال إلى أفعال تصديقًا، لم تعد مثل هذه التصريحات المخاتلة تخيل على دولتى المصب، أو تنطلى على المجتمع الدولى، فى ظل إصرار حكومة آبى أحمد على الشروع فى الملء الثانى للسد فى يوليو المقبل، دون الْتِزام قانونى موثق يضمن حقوق دولتى المصب التاريخية فى مياه النيل الأزرق.
هرمنا من المماطلات الإثيوبية، عقد مضى من مفاوضات خلت من أى نوايا طيبة، لا يصدر عن حكومة آبى أحمد سوى الاستفزاز السياسى استهدافًا مستدامًا لإفشال المفاوضات التى تنقلت بين عواصم الدول الثلاث وصولًا إلى واشنطن، وفى كل جولة تبتدع هذه الحكومة السادرة فى مخططها (للإضرار بالمصالح المصرية- السودانية عمدًا)، أسبابًا واهية للتفلت من الْتِزاماتها القانونية.
انكشاف النوايا العدوانية الإثيوبية فى الآونة الأخيرة، أقوالًا وأفعالًا، رفضًا لمقترح (الرباعية الدولية) تفضيلًا خبيثًا لوساطة الاتحاد الإفريقى التى لم تتقدم خطوة واحدة نحو توفير حل قانونى، والْتِزام إثيوبى يبرهن على رهانات إثيوبية خاسرة مبنية على أفكار استعلائية لا تستند إلى واقع حقيقى، ولا تستقيم على أرضية ثابتة من تحت أساسات السد (محل شكوك هندسية وإنشائية تتحدث بها المراجع العالمية الهندسية المتخصصة).
تبضع الوقت.. هذا ما تجيده أديس أبابا، ولا نملك مزيدًا من الوقت لنضيعه فى مفاوضات عبثية، حان وقت «دبلوماسية الخطوط الحمراء»، مياه النيل خط أحمر، وهذا ما تعلمه جيدًا حكومة آبى أحمد، ولكنها تكابر وتحك الأنوف جميعًا فى استكبار غير مؤهلة له إقليميًا ومحليًا.. لن نتحدث عن البيئة السياسية الهشة فوق الهضبة الإثيوبية، ولا مهددات الوحدة الإثيوبية بفعل سياسات الدحر التى تنتهجها لقمع الثورة المشتعلة فى «إقليم تيجراى»، وجرائم الحرب التى ارتكبتها القوات الإثيوبية فى الإقليم الذى يعانى تهميشًا متعمدًا من حكومة تمارس تمييزًا «إثنيًا» لا تخطئه أعين المراقبين المصوبة على مآلات الأمور فى أديس أبابا.
«لقد طفح الكيل» قاهريًا، و«بلغ السيل الزبى» سودانيًا، حتى «لم يبق فى قوس الصبر منزع»، وعلى أديس أبابا أن تسلك مسلكًا واقعيًا وفق المرجعيات الدولية حتى تتسق الأقوال مع الأفعال، أقوال آبى أحمد وأفعاله، فالتناقض صارخ بالخديعة والتآمر واستلاب الحقوق التاريخية المصرية- السودانية فى مياه النيل، وهذا ما لا تقبله القاهرة التى لا تمارى فى الحق الإثيوبى فى التنمية، ولكن ليس على حساب الحق المصرى الثابت فى المياه، فى اتساق معتبر بين الأقوال التى تصدر عن المرجعيات السياسية المصرية والأفعال التى تتسم بالحكمة، وكما قال الرئيس السيسى: «صَبرُنا ليس ضعفً