بقلم : حمدي رزق
زمان، لم يكن يصدر عن العاصمة الأمريكية (واشنطن) إلا كلام كبير، يهز العالم هزا، وإذا عطس الرئيس الأمريكى فى نيويورك، خشى العالم العدوى، وإذا تحدث يرج الكرة الأرضية، تكاد تغادر مدارها من وطأة خطابه.
تسمع اليوم عجبا، لا يصدر عن واشنطن سوى متوالية من المساخر السياسية، خرف سياسى، مثل خناقات العجائز فى أرذل العمر.
الرئيس الأمريكى الجمهورى «ترامب» يصف رئيسة مجلس النواب «الديمقراطية» نانسى بيلوسى بـ«المجنونة»، وكتب فى تغريدة على «تويتر»: «المجنونة نانسى تخاطر بسمعتها من أجل فتح أحد صالونات تصفيف الشعر، فيما الصالونات الأخرى مغلقة، وعدم وضع كمامة بينما هى تعطى الجميع دروسا بهذا الأمر طوال الوقت».
وسخر بشدة منها: «نانسى تقول إنه نُصب لها فخ من قبل مالكة مركز تجميل، ربما تستطيع مالكة صالون (بيوتى بارلور) أن تدير مجلس النواب بدلا من نانسى المجنونة».
مالكة الصالون «إيريكا كيوس» استغربت الزج بها فى معركة رئاسية، وقالت إنها لم تتوقع أبدا كل هذا، لكن البيت الذى تركز عليه الآن هو منزلها.. قائلة «صحيح إنه رئيسى ولكن سأفعل ما أنا بحاجة لفعله».
نانسى خشيت مغبة الأمر سياسيا، وقطعت أنها تعرضت لـ«مكيدة»، لكن لقطات كاميرات المراقبة كذبتها وصورتها وهى تنتقل من غرفة إلى أخرى فى صالون تصفيف الشعر من دون كمامة، علمًا بأن هذه النشاطات مازالت ممنوعة فى الأماكن المغلقة فى سان فرانسيسكو.
لم تترك نانسى إهانة ترامب تمر، وردت الصاع صاعين وعلى طريقة رمتنى بدائها وانسلت: «ترامب لم يظهر علنا واضعا كمامة إلا مرة واحدة فى يوليو.. الرجال الحقيقيون يضعون الكمامة».
ترامب يسخر، وبيلوسى تتمسخر، وصلة ردح سياسية مثيرة للسخرية، عجيب أمرهم، أمريكا الكبيرة صغرت قوى، الخرف السياسى بادٍ على الوجوه، معلوم نانسى واحدة من أكثر الشخصيات المكروهين من ترامب وأنصاره، وتكيل الاتهامات بانتظام لترامب، بسبب تعامله مع أزمة وباء كورونا، وتحضه على الاستماع إلى العلماء وتشجيع وضع الكمامات.. ولكن لا يُغنِى حَذَر مِن قَدَر، وخلعت الكمامة، فسقطت من حالق فى شر أعمالها، الفيل الجمهورى يسخر من غباء الحمار الديمقراطى.
نانسى تتعرض لحملة جمهورية قاسية، وعليه خرجت تعترف للصحفيين بسذاجتها، أقصد بغبائها، طبعا السذاجة أخف وطأة من الكذب أمريكيًا، كله إلا الكذب السياسى، تستعطف الجمهور المتربص: «أتحمل مسؤولية الوثوق بما كان يخبرنى به صالون تصفيف الشعر فى الحى الذى ترددت عليه مرات عدة لسنوات. اتضح أن الأمر كان فى الواقع مكيدة.. أتحمل مسؤولية الوقوع فى الفخ».
مالكة الصالون «إيريكا كيوس» تبتعد بمسافة عن صراع الفيل والحمار، أوضحت أن «أحد مصففى الشعر لديها فتح الصالون خصيصا لبيلوسى..». يااااه أمريكا صغرت قوى.. فى سَفاسِف الأمور التافهة الحقيرة لا تضيِّع وقَتك!.