بقلم : حمدي رزق
فى ذمتى (دَيْن مؤجل) لصديقى اللدود «طارق الشناوى»، وديون الأصدقاء محبة، سيما فى أوقات الشدة الفيروسية، شفاه الله وعافاه.
دين طارق اعتراف متأخر بحيوية دوره فى الحالة الفنية المصرية، دور الناقد الأمين على رسالة الفن، وعلى دور الفن، وجهده فى التنوير على الأعمال الفنية ذات الجودة الإنسانية محليًا وعالميًا، طارق يحمل رسالة الفن فى حله وترحاله، أمينًا عليها، يؤديها إلى أهلها غير منقوصة.
ما يحمله طارق من جينات فنية وراثية (من عائلة مفطورة على الفن بعلميها طيبى الذكر، الشقيقين كامل ومأمون الشناوى.. عَمَّى طارق لزم) أهلته النشأة فى كنف الأفاضل والقرب من الموهوبين لموقع العاشق للفنون جميعًا، بالأخص فن السينما، فصار ناقدًا محبًا، وكما يقولون عشقًا، قلوبُ العاشقينَ لها عيونٌ تَرى ما لا يَراهُ الناظرون.. وطارق عاشق صبابة للفن السابع.
مرح محبب طيب المعشر، لا تراه إلا مبتسمًا باتساع عيونه، طارق صديقى مهنيًا ناقد نادر أريب، حاذق يملك فكرة، رؤية، وصاحب موقف، وكم كلفته مواقفه الكثير من خسارة نجوم لها شعبيتها، ولكنه لم يخسر نفسه، ولم يكبح قلمه، ولم يتربح من كتابته، ممسك بحروف الكتابة، مفطور على الكتابة الصباحية، طارق ينام باكرًا ليصحو قبل العصافير رغم أنه يكتب عن ليل النجوم فى سماء الفن.
طارق مخلص مثل جيله من نقاد الموجة الثانية، بعد الكبار رؤوف توفيق وسامى السلامونى وكمال رمزى وعلى أبوشادى، وطارق ناقد مستور إنسانيًا، والستر يعنى الرضا، راضٍ بالواقع متكيف معه، لا يبدى ضجرًا، ويكتب ليعيش، لذا وقع الكورونا عليه قاسٍ، ما يستوجب الدعاء بالشفاء.
عرفت طارق باكرًا فى مدرسة المواهب الواعدة «روزاليوسف»، كلنا اتجهنا للأعمال السياسية الشاقة، وانتحى طارق جانبًا يشاهد الفنون جميعًا، يتذوق كلمات الأغانى، ويستطيب الألحان، ويشاهد الأفلام، ويدخل السينما قبل اختراع المحمول، كان يغرّد خارج السرب الواعد، وبرع ناقدًا محترفًا مالكًا أدواته، ومع خبرات تراكمية صار رقمًا مهمًا فى الحالة السينمائية المصرية مع إطلالة معتبرة على السينما العالمية.
ما من مهرجان إلا وطارق حاضر، وما عرض خاص إلا ويحتل مقعده أمام الشاشة، وإذا فاته عرض فسينما «جلاكسى» بالمنيل أقرب إليه، يفضل حفلة عشرة صباحًا، نتسابق على هذه الحفلة، حفلة المزوغين من المدرسة، طريف أن نندس شيوخًا بين شباب يقفز من فرط الحيوية، مضبوطين على حفلة عشرة صباحًا.
للعلم طارق من سكان المنيل، المنيلاوية الأصلاء قبل الهبوب البشرى الكاسح، وهؤلاء ينعمون برؤية النيل، ما يُكسبهم رقة القلوب، قلبه أخضر، طيب قوى طارق الشناوى وودود.
ابن أصول ويعرف الأصول المهنية، ونادرًا ما يختلف مع الرئاسات، يتجنب الصدامات المباشرة، يفضل الابتعاد بمسافة عما يعكر عليه صفو حياته التى لا يسمح لأحد بالاطلاع عليها، وفى الأخير يحمل لينًا يكفى لترطيب الأجواء فى شدة الحرور الإنسانية والمهنية، يشجع المقالة الحلوة.
طارق يقاوم كورونا بشجاعة، واللطيف أنه يشاكسها بعناد، ويبدى مقاومة هائلة، ويتعامل معها بحذر شديد، الفيروس خبيث، وطارق يتوجس خيفة، تؤنسه فى العزل كلمات المحبة، وسؤال المحبين، ودعاء الطيبين، ربنا الشافى المعافى.