بقلم : حمدي رزق
جدر التطرف مجدر فى الأرض الشراقى كجدر القصب، تقطعه من فوق التربة بالمنجل، تنمو الجذور وتخرج إلى السطح مرة أخرى، وكلما قطعتها ترطبها مياه الصرف الفكرى، من مخزون السلفية المالح فتمنحها مددًا.
لم نستأصل الجذور السامة من التربة بعد، تركناها كالشرك الخداعى فى الأرض الشراقى، تركناها عن عمد أو جهل أو تقاعس عن إتمام «الحصاد المر»، تجفيف منابع التطرف الفكرى «مشرو ع قومى» لم يحتل مكانه بعد فى قائمة المشروعات القومية المستدامة.
جرثومة التطرف العقلى مثل «أم القيح» ساكنة فى تلافيف العقل الجمعى، بين الفصوص، استولت على خلايا التفكير العقلانى، دمرتها، أتلفت مراكز التفكير الوطنى، يستوجب جراحة عاجلة بمشرط نَطاسىّ حكيم، يغوص بعيدا فى أعماق عميقة فى العقل الجمعى حتى يستأصل الورم الخبيث.
الحصاد المر لزراعة التطرف لعقود خلت هو ما نحصده الآن، أجيال تربت على الأحادية، والكراهية، واحتقار الآخر، والتكفير، والتفسيق، والفجر فى الاختلاف، واللدد فى الخصومة، أجيال مرعبة مخيفة عقورة، وشوش كالحة، ودماء مالحة، وقلوب ميتة، لا تخشى من الخشية، ولا تختشى خجلا، اللى اختشوا ماتوا عرايا من الخشية.
أقول قولى هذا فى مواجهة «طفح تكفيرى» طافح على سطح بحيرة مجتمعية آسنة، التكفير سافر على مواقع التواصل الاجتماعى، مرسوم على حوائط الفيس، إنهم يغردون على شجر الزقوم (تويتر) بأفكار داعشية تنتهى إلى أجندة سلفية تشربت الكراهية.
أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ، اللسان ترجمان القلب، يُفصح عن مكنون الصدور، والتغريدات والتتويتات فاضحة، وكلما أوغلت فى تتبع الفيس وتويتر تذهل من تصحر النفوس، وقساوة القلوب، والتدين الشكلانى، والتطرف الطارح ثماره السامة، حيات سامة تسعى فى الفضاء الإلكترونى تبخ سما زعافا فى آنية الوطن.
نموذج الممثل أحمد الرافعى ليس مفاجئًا ولا مذهلا، مثله كثير من أجيال تربت على فكر «ابن تيمية»، الذى يسمدون به الأرض الشراقى إلى بعض الثقافة الرشيدة، فتصير مالحة، لا ينبت فيها قصب، بل بوص شيطانى مخيف يؤمه من جهلوا فكر «ابن رشد»، الذى وُئد فى الأرض الحرام.لم أستغرب ما فاه به الفنان الشاب، ولكنه مثل خنجر فى الظهر العارى، كونه يؤدى دورًا فى مسلسل وطنى، لا أدرى كيف ترعرع فى وادينا الطيب هذا القدر من الكارهين، خلاصته، لا أخشى هؤلاء، أخشى خيبة الأمل فى أجيال شبت على الكراهية