بقلم - حمدي رزق
الشتات «دياسبورا» مصطلح يُطلق على أماكن تواجد جماعات شاردة، خرجت على الوطن ليصبحوا مُشتَّتين حول العالم، كمجموعات انفرط عقدها، متناثرة، ومتباعدة، ويتفاعلون فيما بينهم بمختلف الوسائل (وسائل التواصل الاجتماعى) للتنسيق لمحاولة العودة المستحيلة.
يا حزن السنين السودة، إخوان الشتات في لندن حائرون.. يفكرون.. يتساءلون في جنون، وعلى الطريقة الحكيمية (لصاحبها المطرب الجميل حكيم): «إيه اللى بيحصل ده.. إيه اللى أنا شايفه ده؟».. يعموا من العمى الحيثى، ولا يرون مثل هذه اللحظة التي يَطَأُ فيها المفتى الأَراضى البريطانية هَمْسًا، لسان حالهم: يا ليتنى متّ قبل هذا اليوم وكنت نَسْيًا مَنْسِيًّا، أيام سودة، ستمر ثقيلة، سيدخلون بياتًا شتويًّا قارسًا، مثلهم مثل الضفادع التي تنعق على عمرها.
تغريدات كالنواح، وفسفسات كلطم الخدود، وكأن مات لهم ميت في «لندن البلد»، مأتم في بيوت الإخوان والتابعين، حوائط الفيس مُجلَّلة بالسواد، أرامل الإخوان في قعور البيوت الإلكترونية يعتورهن حزن السنين، فجيعة، صدمة، جنازة حارّة.
مثل كلب صدمته شاحنة مسرعة على طريق «كوتسوولدز»، أُخذوا على حين غِرّة، «إخوان الشتات» حالهم حال ولا في الخيال، أنفاسهم متقطعة، ريقهم جاف، إذ فجأة ضربتهم كورونا سياسية مفاجئة، دارت بهم الأرض دورة كاملة، سقطوا في نهر «التيمز» من جسر البرج (لندن)، الإخوانى في برمنجهام حالته حال «اللمبى»، وطفق يُبهلِل كالبهلول المهبول: «إيه اللى جاب المفتى إلى أكسفورد؟!».
إخوان الشتات في لندن يعانون فزعًا وهلعًا وهلاوس سمعية وبصرية، وزغللة في المستقبل القريب، يصحون من نومهم يُبسملون ويُحوقلون ويتعوّذون، كابوس رهيب جاثم فوق الصدور، شبح «المفتى علام» يظهر لهم كثيرًا هذه الأيام.
إخوان الشتات مثل حفّارى القبور، طفقوا يحرثون الأرض من تحت أقدامهم بحثًا عن ملاذ آمن، الأرض ضاقت بما رحبت، الدنيا ضيقة قوى، حتى لندن (حصن الإخوان الأخير) بلغها المفتى!!.
ثغاء الخرفان بات صياحًا.. حالتهم حالة الأستاذ «حكم» في فيلم «السفيرة عزيزة» تحت السكين، الغوث.. النجدة.. الغوث.. يا لطيف!.
إخوان الداخل ليسوا بأفضل حال، بؤساء، يهرتلون، لا هم على حامٍ ولا هم على بارد، أنفقوا على تفشيل زيارة المفتى إلى لندن إنفاق مَن لا يخشى الفقر!.
الإخوان في لندن يتنفسون بصعوبة، يخشون تفسير حلم «المفتى في لندن» وما يتلوه من رحلات مصرية إلى العاصمة البريطانية، الإخوانى العقور المستأسد إلكترونيًّا يعانى واقعيًّا كرشة نفس، صدره ضيق حرَجًا كأنما يصّعّد في السماء.. مش قادر ياخد نفسه من وقع الزيارة، المفتى في مجلس العموم، والأعلام المصرية ترفرف، ورغم الوعيد والتهديد وركام الأكاذيب مُنوا بهزيمة نكراء في لندن!!.
والأسباب عديدة، والنجاحات محققة، لو هناك سبب وحيد للاحتفاء بزيارة المفتى علام المهمة إلى لندن، فحسب نكاية في الإخوان، هذا كافٍ جدًّا، مهم تسمع لندن منّا ولا تسمع عنّا وسْوسَات إخوان الشيطان، خيبة الأمل راكبة الإخوان، في تجمعاتهم الإلكترونية تسمع عجبًا، حيارَى عطاشَى والقدَر خدهم في موجة عاتية لخبطت حياتهم.