ذهب أدراج الرياح، نداء المهندس مصطفى مدبولى بترشيد استهلاك الكهرباء، لا حياة لمن تنادى. وفى الأخير، ما ينوب رئيس الوزراء إلا تقطيع الهدوم.حملة التأديب والتهذيب التى يمارسها نفرٌ من «المستأسدين» على رئيس الوزراء تخلو من الكياسة الواجبة، الرجل طلب من المواطنين ترشيد استهلاك الكهرباء.. لم يطلب الكثير.
لم يخطئ الرجل عندما قرر ترشيد استهلاك الكهرباء فى الدواوين الحكومية، «مغلطش فى البخارى».. نظيره رئيس الوزراء الإسبانى «بيدرو سانشيز» تخلى عن رابطة عنقه وطلب من الوزراء والعاملين فى الحكومة أن يحذوا حذوه من أجل المساهمة فى توفير الطاقة عن طريق تقليل درجات برودة مكيفات الهواء.
المهندس مدبولى لم يتخلَ عن رابطة عنقه رغم الحر الفظيع، ولا طلب إغلاق التكييف.. فقط، طلب ضبط درجة الحرارة عند (٢٥ مئوية)، طلب بسيط، ورجاء بترشيد استهلاك الكهرباء.
مدبولى بشياكة يناشد، يترجى، يتمنى.. كل مواطن عليه دور، ودوره مهم، ولا مكان لجملة: «هى جت عليا».. كلما خفضنا استهلاك الكهرباء، وفرنا المزيد من العملة الصعبة، وهو ما يستلزم منا جميعًا العمل على قلب رجل واحد فى هذا الملف، نظرًا لضبابية توقيت انتهاء الأزمة الحالية.
حملة «ضلموها» ومشتقاتها.. إظلااام.. وضلمة يا دنيا ضلمة.. حملة ظالمة.. رسالة مدبولى إلى المواطن يستوجب تفهمها واستيعابها، «مش تدخل من هنا وتخرج من هنا».. ليس لدينا رفاهية التملص من الواجب الوطنى، والترشيد واجب مستوجب.
الحكومة تُرشّد، والمواطن يُرشّد، وندخل مرحلة الترشيد بأريحية وقناعة وثقة فى المرور من عنق الزجاجة التى حُشرنا فيها لأسباب خارجة عن الإرادة الوطنية، جائحة وحرب وهلم جرا.
التغريد والتتويت سخرية من صراحة المهندس مدبولى لا تليق، ما يطلبه ليس بجديد، نسمع مثله فى الجوار الأوروبى عجبا، رئيس وزراء ولاية «بادن فورتمبيرج» الألمانية «وينفريد كريتشمان» أملى على مواطنيه تدفئة غرفة واحدة فقط فى المنزل، والمسح بمنشفة مبللة بدلا من الاستحمام!!.
لم نسمع حكيًا كريهًا على طريقة: «وإحنا مالنا.. هى جت علينا.. يعنى لمبة السلم ولا مروحة السقف ولا تكييف غرفة العيال هتفرق كثير؟!».
تفرق كتير، حاصل ترشيد «كيلو وات» فى استهلاك الملايين يوفر كتير، ويترجم العائد إلى عملة صعبة لتلبية الحاجات الأساسية للطيبين.
رئيس الوزراء لم يبتدع بدعة، بالعكس الترشيد مصلحة الوطن والمواطن.. مصلحة الوطن وقال بها مدبولى فى ظل سعار أسعار الطاقة، أما مصلحة المواطن فالترشيد اتقاء فواتير الكهرباء.
الحكومة، وبتوجيهات رئاسية معتبرة، أجلت الزيادات المقدرة فى أسعار الكهرباء مراعاة للبعد الاجتماعى وتخفيف الأحمال المعيشية على المواطنين، وعليه مستوجب الترشيد.. معلوم «لا يحك جلدك سوى ظفرك».
الحكومة بدأت بنفسها بتخفيف إنارة الشوارع والمحاور، ومقترح إغلاق المحال عند الساعة الحادية عشرة، وإلزام الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية بتخفيف الأحمال، وقطع التيار بعد انتهاء الدوام.
توجه محمود ورشيد، مستوجب دخول مرحلة الترشيد الوطنى طوعًا، رئيس الوزراء لم يفرض عليك ترشيدًا، يتمنى عليك، فكن رشيدًا ولا تسمع لشذاذ الآفاق يستخفُّون بعقلك فى أتون أزمة طاقة تمسك بخناق العالم من حولنا.