بقلم : حمدي رزق
الحمد لله، كابوس وانزاح، استقامت السفينة البنمية الجانحة «إيفر جيفن» بعد جهد جهيد، بسواعد المخلصين من أبطال مصر فى هيئة قناة السويس، وعلى رأسهم الفريق أسامة ربيع، قضوا أيامًا وليالى صعبة فى مياه مالحة، تحيطهم عناية السماء، محروسة يا مصر بدعاء الطيبين.
رغم الخسارة الاقتصادية الفادحة التى مُنيت بها القناة، ولكن هيئة قناة السويس كسبت احترام العالم، احترافية، وقدرات، وإمكانيات، وخبرات زحزحت الجبل العائم. وتتوالى بيانات الإشادة، ما يمكن البناء عليه مستقبلًا، بحملة علاقات عامة دولية تضع العالم فى قلب العملية الاحترافية الناجزة، مع وعد بعدم تكرارها مستقبلًا، تداعيات الجنوح لن تنتهى بمجرد التعويم، المتربصون بمستقبل القناة كثر وكشفوا عن خططهم ومخططاتهم شمالًا وجنوبًا.. وعلانية.
ما نسميه «إعادة الاعتبار» لهذا الشريان الحيوى عالميًا، يحتاج لعمل إعلامى مخطط مع الميديا العالمية، واتصالات ساخنة مع التوكيلات البحرية لوضعهم جميعًا فى قلب الحدث الذى لفت العالم، إذ فجأة يصحو من سُباته على صدمة توقف الملاحة فى قناة السويس، ظل على أطراف أصابعه معلقة أبصاره على القناة، هزة مروعة فى التجارة العالمية. يقينًا القناة ثبت تأثيرها فى مجريات التجارة العالمية، والبدائل جد مكلفة، والبحث عن مجرى آمن بمستوى قناة السويس ليس متوفرًا من حول العالم، لذا حبس العالم أنفاسه، وشهق بعد نجاح عملية التعويم. وفضلًا عن إعادة الاعتبار الذى تستحقه القناة، والاحترام لهيئتها المحترفة بحريًا، كشفت الحادثة نادرة الحدوث عن وجه آخر لمصر، وجه مشرق، دولة محورية فى حركة التجارة العالمية، دولة تملك مفتاح الحياة، وهو بالمناسبة مفتاح فرعونى شهير، ترجمة أمينة لمكانة مصر، ليست دولة هامش، ولا يمكن تهميشها، دولة مركزية ذات ثقل لا يمكن تجاهلها، دولة تجتهد لخدمة العالم دون مَنٍّ وَلَا أَذًى، تفتح ذراعيها وقلبها للعالم منفتحة على الشرق والغرب، تسع تجارة الجنوب والشمال، ولا ترهن الإرادة الدولية لأسباب، بل تسهم فيها بكل الأسباب. إعادة الاعتبار ليس حكيًا، ولا تلاعبًا بالألفاظ، ولكنها حقيقة مؤكدة، العالم وقف على أهمية القناة الاستراتيجية، ويعيد حساباته، وعلينا أن نعيد حساباتنا لتعويض ما فات، واستشراف مثل هذه الحوادث فى ضوء هذه الحادثة، بسد النواقص، ورفع الكفاءة.
والعض بالنواجذ على تهيئة هذا الممر الحيوى الذى يشكل نسبة مقدرة من الدخل القومى لما هو قادم من تحولات فى التجارة الدولية نحو السفن العملاقة، وهذا يتطلب بذل الغالى والنفيس فى استكمال مخطط تعميق وتوسعة القناة القديمة، وصولًا لأعلى كفاءة فى استقبال المدن العائمة التى تسود مستقبلًا مجريات التجارة العالمية.. إذا حدث سيكون خيرًا عميمًا ويرفع مكانة القناة عالميًا. خلاصته عملية التعويم الناجحة تضيف الكثير لكفاءة هيئة قناة السويس، ولا عزاء للكارهين، والشامتين، وأرامل الإخوان فى منافيهم النفسية، أما جماعة «السندوتشات الكومبو العائمة فى الكاتشب» الذين سخروا من القناة، فجزاؤهم المقاطعة الشعبية، شباب مصر لم يصمت على إهانة، ويرد الصاع صاعين، صاعًا بالإنجاز الذى هو أقرب للإعجاز الملاحى، وصاعًا بالدفاع عن بلاده ووقوفه فى ظهرها فى أحلك الظروف.. مبارك شعبى مصر.