بقلم : حمدي رزق
كفانى العالِم الأثرى الكبير، الدكتور زاهى حواس، مؤونة تفنيد عبثية «لعنة الفراعنة»، وأن قلقلة راحة الفراعنة من نومتهم الأبدية تجر علينا اللعنات، اتساقًا مع متوالية الحوادث الأخيرة!. دَعْك من هذا الحكى الفيسبوكى اللطيف، خلِّينا فى المهم، لست مع القائلين بتأجيل «موكب المومياوات الملكية»، نقلًا من المتحف المصرى بالتحرير إلى المتحف القومى للحضارة المصرية فى الفسطاط، كما هو مخطط، ومحدد سلفًا (3 إبريل إن شاء الله).
وبرغم الحزن الساكن فينا ليل نهار، فرصة وسنحت لتغيير مود البلد، لقشع سحابات الحزن على مصابنا فى القنال والقطار والعقار، واستعادة الأمل والثقة فى النفس، وإظهار العظمة المصرية والبهاء والجلال فى موكب ملوك مصر العظماء.
فرصة لتسلط وسائل الإعلام العالمية عدساتها وتركز نشراتها على حدث مصرى ضخم، بعد تسليط سالب على حوادث لونت صورة مصر عالميًا، الحدث الفريد الذى ينتظره العالم بنقل 22 مومياء ملكية فرصة تستوجب الإمساك بها بالتلابيب، واتخاذ التدابير التى تكفل إخراجًا عالميًا لحدث تاريخى قَلَّ أن يجود الزمان بمثله.
المتشائمون والمتطيرون ولاطمو الخدود يتنحون جانبًا ساعة مرور الموكب المهيب، العالم ينتظر المشهد المصرى، لا تُفوِّتوها فرصة، دعاية سياحية مجانية، كم هم كرماء ملوك الفراعين، حتى فى توابيتهم يمنحوننا لحظات من الفخار الوطنى، لِمَ نحرم مصر من مثل هذا الألق الذى يضوى ينير ليل الوطن؟!.
الحداد وطنيًا واجب مستوجب، ولم يتأخر مصرى عن كف عزاء من أول الرئيس السيسى حتى المواطن البسيط من بنبان فى أسوان إلى رشيد فى الشمال، تشاطَرْنا الحزن، مالحة الدموع تشقق الخدود، وتحفر أخاديد فى وجه العريقة الكريمة مصر المحروسة، لكن مش مكتوب علينا الحزن طوّالى، لن نندب حظنا طويلًا، ولن نشق الجيوب عن آخرها، كل عثرة تتبعها نفرة، مصر تمرض لا تموت، تحزن ولا تنكسر، شامخة بلادى بين الأمم، عظيمة يا مصر يا أرض النعم.
الحزن له آخر، فلا تعطلوا موكب الملوك، دعوه يشق طريقه ليمنحنا أملًا فى غد، أغدًا تشرق أضواؤك فى ليل عيونى؟.
قد يكون الغيب حلوًا، إنما الحاضر أحلى، تغيير المود بحدث عالمى محدد سلفًا منحة، تستوجب استثمارها جيدًا، التخارج من حالة الحزن ضرورة وطنية، الحزن فى القلب، والحياة لازم تستمر فى صيرورتها، ومصر تناضل، وتجاهد، وتجتهد من أجل الحياة، والحزن يورث القنوط، والصبر مفتاح الفرج، فلنحتسب الشهداء أحياء عند ربهم سبحانه وتعالى ونعد إلى تعلية البناء.
وغدًا ننسى، فلا نأسى على ماضٍ تولى، رغم الألم أتشوق بشغف لليلة خروج المومياوات من الباب الرئيسى للمتحف المصرى بالتحرير، محمولة على عربات فرعونية يزفها المصريون إلى متحف الحضارة، الذى سيفخر باحتضان أكبر عدد من الملوك فى تاريخ الحضارة الفرعونية، 22 ملكًا ستطلق فى تحيتهم المدفعية 21 طلقة فى الهواء، ويُضاء ميدان التحرير، وتخرج السيارات الملكية تباعًا، الواحدة تلو الأخرى من الباب الرئيسى للمتحف الخارجى لتتجه إلى ميدان التحرير وتدور حول المسلة موكبًا ملكيًا راقيًا، وبعدها يضىء ميدان التحرير والمسلة والمبانى التى حولها، ثم يسير الموكب بمحاذاة نهر النيل فى رحلة أخيرة لملوك مصر العظام.