بقلم : حمدي رزق
«آخر ما رأيته على وجهه بعد استشهاده ابتسامته التى لم تفارقه لحظة».. هكذا وصفت سامية زين العابدين زوجة اللواء عادل رجائى، قائد الفرقة التاسعة مدرعات، لحظة استشهاده.
يوم استشهاد اللواء عادل ماتت سامية، ما عاشته بعد رحيله فقط لتذكر الناس بقصة الشهيد الحى، قضت أيامها بعد فراقه فى مهمة أخيرة تحكى ما تيسر من بطولة الشهيد، لم تطعم الحياة، ولم تذق الراحة، ولم يجف دمعها، كانت فى اشتياق للقاء فى السماء.
سامية زين العابدين موعدها الجنة عوضا، قصة تروى، يستشهد زوجها ولم يترك ولدا يعوضها، عاشت على كفاف الروح، ولو تعلمون كيف كانت تتعذب فى وحدتها، لعجبتم، الله يرحمها، الموت راحة.
عادل وسامية، قصة حب مصرية، سامية لم تدخر حبًا لهذا الضابط الشجاع، وكان لها خير زوج وأخ وأب وابن، عوضها عن كل الفقد ولوّن حياتها بالفخر.. فقدته إذ فجأة ففقدت الرغبة فى الحياة.
سامية قبل أن تكون زوجة شهيد كانت مواطنة مصرية مجندة طواعية للدفاع عن الجيش المصرى، وخاضت معارك ضارية مع إرهابيى الإخوان يوم أن كانوا يمسكون بخناق مصر، تركت كل شىء وراءها، كان زوجها فى الصحراء يدافع عن الحدود، وهى مرابطة قبالة وزارة الدفاع، مكانها الذى لم تبارحه طوال عام الإخوان الأسود، لا خافت يوما ولا خشيت انتقام الإخوان.
لم تهنأ سامية يومًا بزوجها مثل كل الزوجات، تودعه وهى فى الطريق لمهمتها التى نذرت نفسها لها، ولم تشأ يوما أن تستريح، ظلت حتى أسلمت روحها، مراسلة عسكرية جسورة، كانت تسبقنا فى الصحراء، دوما فى المواقع الأمامية بقبعتها الشهيرة، لم تخلعها يومًا وكأنها خوذة مقاتل، حتى يوم زفافها.. وحتى يوم وفاتها لم تخلع قبعة الميدان.
المرحومة نوعية من الزوجات المصريات جبلن على الصبر والاحتمال، وفى قلب المحنة والدماء تغرق ثوبها، لم تضعف، هبّت من كسرتها وحرقة قلبها على زوجها قوية كالإعصار، تصرخ فى المصريين جميعا، تدق كل باب، أنا زوجة الشهيد، أنا التى أكرمها الله بالشهادة، عادل شهيد، وكل جندى مصرى مشروع شهيد.. أفقدها الحزن شهية الحياة.
لم تتاجر يوما بشهيدها، ولم يترك لها عادل إرثا ولا كان يوما من الأثرياء، مثل هؤلاء اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، ربحت تجارتهم، وكم من قادة وصف وجنود أبطال تعودوا شظف العيش، ونذروا أنفسهم لوجه الوطن من بعد وجه الله، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر الشهادة من الله.
عادل رجائى دخل قلوبنا نحن إخوتها يوم دخل قلب سامية، ودخل قلوب المصريين جميعا يوم استشهد دفاعًا عن الوطن المفدى، طوبى للشهداء، والله يرحمك يا سامية، سلمى على عادل فى السماء، أنتم السابقون ونحن اللاحقون.