بقلم - حمدي رزق
لست منّاعًا للخير، أقصد الإجازات، ولكن تسعة أيام إجازة فى عيد الأضحى المبارك أخشى أنه كثير، من (الجمعة 14 يونيو إلى السبت 22 يونيو)، اللهم لا حسد.
ربما تسجل فى موسوعة الإجازات المصرية، أطول إجازة منزلية مدفوعة الأجر فى تاريخ المحروسة، وهذا يتطلب بحثًا فى رسالة جامعية فى روزنامة الإجازات من أيام مقياس النيل حتى الآن.
فرصة لدخول موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية، ندخلها بإجازة 9 أيام إجازة بلياليها.
إجازة فى مفتتح صيف قائظ، لولا الثانوية العامة لكانت تدشينًا نموذجيًّا لمصيف هذا العام، ولكن امتحانات الثانوية تعكر المزاج، والامتحانات المفصلية تطرق الأبواب المغلقة على ما فيها من معسكرات مذاكرة وتحصيل ما فات.
قبلها، استمتع المصريون بإجازة طويلة (4 أيام كاملة)، تخللها عيد القيامة المجيد، وخُتمت بـ«شم النسيم»، وقبلها إجازة (4 أيام) فى عيد الفطر المبارك، وقبلها وقبل اللى قبلها، وهكذا دواليك، من إجازة إلى إجازة افرح يا قلبى، يا رب كتّر إجازاتنا وعلى قد نيتنا ادينا. ولا يُنبئك مثل خبير بالإجازات الرسمية والاعتيادية، فضلًا عن الإجازات العارضة، والمواقع الإخبارية تجد فى حديث الإجازات مادة محببة لمجتمع الموظفين، وتتبارى فى التبشير (من البشرى) بمجموع الإجازات.
راجع «المصرى اليوم»، يوم السبت الماضى، وهى تزف البشرى، أطول إجازة رسمية مدفوعة الأجر، أحسست من قراءة الخبر أن زميلتنا اللطيفة «إيمان عادل» مغتبطة بالإجازة وهى تزف البشرى لمجتمع الموظفين، خبر يحض على الكسل اللذيذ.
فى إحصاء طريف تداولته المواقع الإخبارية فى مفتتح هذا العام، عدد الإجازات فى العام الجارى 121 يومًا إجازة، بواقع 17 يومًا عطلات رسمية حسب الأجندة الرسمية المعتمدة، يُضاف إليها 104 أيام من مجموع العطلات الأسبوعية (يومى الجمعة والسبت).
لا تتعجب إنها إرادة الدولة البيروقراطية العميقة التى تحاسب الموظف على التأخير فى الحضور خمس دقائق خصمًا.. وتمنحه ربع سنة وزيادة إجازات ليمرح ويلعب، ويستعيد نشاطه الوظيفى.
الإجازات حق مستحق، ولكل مجتهد نصيب فى الإجازات، ولكن هذا الكم من الإجازات كثير على اقتصاد يعانى، لو قسمنا عدد أيام السنة (حتى الكبيسة) على عدد أيام الإجازات سيكون حاصل القسمة بواقع يوم إجازة مقابل ثلاثة أيام عمل، من العسير تحقيق نسب النمو الطموحة فى ظل أجندة إجازات رسمية متخمة كهذه بالعطلات الرسمية والدينية.
لن أُحدثكم عن تشكيلة الإجازات التى يتيحها قانون العمل البيروقراطى، اعتيادية، وعارضة، ومرضية، وهلم جرا، ويشترط القانون قيام الموظف بالإجازة حفاظًا على سلامة قواه العقلية من فرط النشاط، وحتى لا يطالب بمقابل إجازات.
فى بلاد غير بلادى، الموظفون يستنكفون الإجازات سعيًا للرزق، ولكن هنا يسود المثل، على قلبها لقاعدون.
الخطاب الحكومى، الذى يخاطب موظفيه بروزنامة إجازات سنوية، ويقدس أجندة الأعياد الوطنية والدينية لا يقبل بها مساسًا، خطاب يفتقد إلى روح العمل، إلى المحفزات الإنتاجية، ويُسيِّد الإجازات توفيرًا للنفقات. مثل هذا الخطاب يعود علينا بالخسارة المحققة. تجديد الخطاب الحكومى فرض عين على مجتمع ينشد «حياة كريمة