«وسأل ناظر العزبة: طيب لو كتبنا تكاليف الخروف 18 جنيه تبقى كتير؟
تعجب الموظف الجهبذ (نجيب الريحانى): ليه خروف مسكوفى!
إحنا ندون، حبل ومخلة وجردل لزوم أكل الخروف.. كذا، حكيم بيطرى لزوم علاج الخروف.. كذا، مزين لحلاقة شعر الخروف.. كذا، أكل وشرب للخروف.. كذا، كلاف لتنظيف حظيرة الخروف.. كذا، كده نخليها 48 جنيه مش 18، كده الشغل، مش الناظر الغبى بتاعنا».
وكأن أحداث فيلم «أبوحلموس» تتكرر أمامنا بمناسبة عيد الضحية، منافسة محتدمة بين عدد من الجمعيات الأهلية على طلب «صك الأضحية»، وكل منها تتفنن في باقة من الصكوك حسب التضحيات، وعليك أن تختار من بينها ما يناسب سعتك المالية، ضانى ولا بقرى، وكله حسب الشرع، وبما يرضى الله.
والسؤال من يرخّص لهذه الجمعيات بإصدار صكوك الأضحية؟
اللفظ «صكوك» ورد في صكوك الغفران، وليس في مصلحة سك العملة، وإذا كانت هذه الصكوك مصكوكة؛ أي مرخصة رسميًا وشرعيًا، من يراجع حصيلة الصكوك، ويراقب إنفاقها في مصارفها الشرعية؟
وهل تقدم هذه الجمعيات إلى وزارة التضامن حسابًا بحصيلة الصكوك، وأوجه إنقاقها، وكم تلقت وكم أنفقت على علف الخروف؟
وهل وصلت حصيلة هذه الصكوك إلى مستحقيها بالفعل، أم أن الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا.. هو حد هيعد العجول والخراف ورانا، وأخشى أن في كل جمعية محاسب عقر، لسان حاله بحبحها.. بحبح!!
اهتبال المواسم والأعياد للتسول باسم الغلابة صار طقسًا مصريًا، من العيد للعيد ومن المولد إلى المولد، مولد الجمعيات منصوب، وكل جمعية متعاقدة مع شيخ معمم يستحل أموال المشاهدين على الهواء مباشرة، بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية..
والناس الطيبة عن طيب خاطر وطلبًا للأجر والثواب من عند الله، وبعاطفة دينية جياشة وصادقة تدفع أموالًا إذا جمعتها في حساب واحد، في صندوق زكاة واحد، لن تجد فقيرًا أو محتاجًا في مصر، تغطى فقراء مصر والسودان.. إن أمكن!!
هذه الجمعيات تنشط في المواسم والأعياد، تهتبل الطيبين، طبعا جمعوا مال قارون في رمضان الماضى، لازم يكملوا التل في عيد الأضحى، ولم تستجب جمعية واحدة لنداء مراجعة محاسبية أطلقناه قبلا، وانتظرنا كشف حساب شفافا، لقد أسمعت لو ناديت حيـًا.. ولكن لا حياة لمن تنادى!!
كم أنفقت كل جمعية على حملة الصكوك، وكم حصدت من فيض الأضاحى، وتعلنها على الناس بعد أكل اللحم والثريد، هذا أكثر مصداقية، ويجلب على الجمعية تبرعات أكثر، والشفافية أهم مادة إعلانية، والإعلانات المكثفة تقضّ
المضاجع، والاستخدام الإعلانى المفرط من قبل الجمعيات الخيرية يولد طوفانًا من الأسئلة والشكوك.
بلى ولكن ليطمئن قلبى، نرجو إجابة شفافة من كل جمعية، كم أنفقت على حملات الصكوك، وكم تحصلت من أموال الأضاحى، يقال إن الجنيه إعلان يجلب ثلاثة في الجمعيات ذات الإنفاق الإعلانى المحدود، والجنيه بعشرة في الجمعيات ذات الكثافة الإعلانية، وهذا من قبيل المعلومات المتواترة على الألسنة الطويلة!!
الجمعيات الصغيرة قبل الكبيرة عليها واجب الإفصاح، وكما ناشدتمونا بالصكوك، واستجبنا قربى لوجه الله، نناشدكم الإفصاح وعليكم الاستجابة، الإفصاح رقميًا أولا، كم مليونا جمعت، ومن يقف فوق رأس هذه الملايين، ومن يراقب مستندات صرف هذه الملايين، لماذا لا تنشر الجمعيات ميزانياتها في الصحف كالشركات والبنوك مثلا.
الجمعية التي تقدم كشف حساب صكوك اليوم ستجمع أكثر منها غدًا، والجمعية التي تحجم، إذن فيها «إنّ».. وإن وأخواتها وإخوانها، استقيموا يرحمكم الله.