توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فمنهم مَن قضى نحبه ومنهم مَن ينتظر

  مصر اليوم -

فمنهم مَن قضى نحبه ومنهم مَن ينتظر

بقلم - حمدي رزق

يقول وليم شكسبير: «يموت الجبناء مرات عديدة قبل أن يأتى أجلهم، أما الشجعان فيذوقون الموت مرة واحدة».

مشهد مدير عام الصحة بغزة، الدكتور «منير البرش»، ممددًا على نَقّالة بدائية، بعد قصفة إسرائيلية على مخيم «جباليا» أصابته وجميع أفراد عائلته، واستشهاد ابنته، نموذج متكرر لبربرية قوات الاحتلال.

سيداوى جراح قلبه وجسده، وسينهض ليداوى جراح أهله وناسه، الأطباء الشجعان يُستشهدون وهم ينقذون الجرحى من الموت، القصف الإسرائيلى البربرى لا يفرق بين مدرسة ومستشفى، وفى المستشفى يُستشهد الطبيب والمريض معًا.

الإحصائيات مخيفة، استُشهد ٢٠١ من الأطقم الطبية وهم يناضلون من أجل إنقاذ الأرواح البريئة، ورغم جحيم القصف، لم يغادر أحدهم غرفة العمليات، ولا تواروا من الاستهداف، ولا جبنوا تحت وطأة القصف.

لم يذوقوا النوم، ينامون واقفين على أقدامهم كالجِيَاد المتعَبة، دقائق ويعاودون العمل لساعات طوال، يصلون الليل بالنهار، نزيف غزة غزير، والدماء تغطى الوجوه، والإمكانيات بالكاد، أطباء غزة يسجلون ملحمة إنسانية نبيلة تستحق التسجيل فى سجلات الفخار الفلسطينى. الطبيب فى مستشفيات غزة تحت القصف يستحق الوقوف أمام تضحياته احترامًا، قمة التضحية والإيثار، يجاهد لإنقاذ الأرواح، ويجود بالروح عزيزة شهيدًا بافتخار.

وأنحنى احترامًا أمام تضحياتكم، ثَبَتُّم فى مواجهة الموت ثبات الأبطال، وفى غرف العمليات أنتم أبطال، وفى العلن أمام الكاميرات تتواضعون باقتدار، وصورتكم وأنتم تصلون صلاة الجنازة على أحبائكم ترفع من قدركم إلى عنان السماء.

يخشى الضعفاء القصف، ويلتجئون إلى المستشفيات خوفًا وطمعًا، وأنتم كُتبت عليكم مواجهة القصف وجهًا لوجه، من أين لكم كل هذه الشجاعة فى مواجهة قصف بربرى مكار يغافل ويضرب بقسوة، على حافة الخطر تقفون، وفى الخطوط الأمامية تواجهون، وتُصابون وتُستشهدون، وكلما استُشهد منكم شهيد حل محله شهيد.

خِفافًا سراعًا، نفرتكم مُقدَّرة إلى إنقاذ الأرواح، وشهداؤكم افتدوا شعبًا بأرواحهم، وشبابكم فى مواقعه لا يبارح مكانه فى مواجهة أشرس وأعنف قصف.

ملحمة الجيش الأبيض فى فلسطين لم تسجَّل بعد تفصيلًا، ويوميات الأطباء فى المستشفيات تحت القصف لم تُرْوَ، وشهادات الأطباء لم تُسطر بعد، وليت جهة تتوفر على تسجيل يوميات هذه المعركة الفريدة فى تاريخ الأطباء الفلسطينيين، معركة للتاريخ، وفاء لعهد، ومحبة لشعب وأرض وُلدوا عليها، ويُستشهدون على ترابها.

لا أستغربها منكم، وأنتم من بين صلب شعب مقاوم، على المفارز شهداء وفى المعازل شهداء، كُتبت على هذا الشعب الشهادة، عصر الشهادة، التجلى العظيم لشعب المقاومة، شعب يزف شهداءه بالزغاريد إلى السماء، لا ينعاهم قط، بل يغبطهم.

الشهداء أحباب الله، وبالمثل الأطباء أحباب الله، منهم مَن قضى نحبه وهو يواجه الموت، ومنهم مَن يجاهد لأجل إنقاذ حياة، لم يُضبط طبيب فلسطينى متقاعس أو متراجع أو متولٍّ عند الزحف.

تسمعون عنهم عجبًا، الأطباء فى المعازل والمشافى لا يدرون أأشرق الصباح أم غَمَّ الليل، ورديات متواصلة، وأيام صعيبة تُجمل أسابيع مخيفة وشهورًا طويلة يتحسّبون لها لا يغادرون الأطباء فى غزة أطباء شهداء أحياء، فمنهم مَن قضى نحبه، ومنهم مَن ينتظر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فمنهم مَن قضى نحبه ومنهم مَن ينتظر فمنهم مَن قضى نحبه ومنهم مَن ينتظر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon