بقلم:حمدي رزق
الإلحاف، التَّكرار والإلحاح، ألحف يعنى أَلَحَّ، ومنها اللَّحُوحُ بمعنى الكثيرُ السؤال المديمُه.
إزاء إلحاح مرضىٍّ، لا يمر عيد إلا وسؤال المسيحيين حاضر، وسؤال عيد الأضحى، هل إعطاء المسيحيين من الأضحية مَسْموح به ومُباح، مُسوَّغ، جائِز شرعًا؟، والإجابة محفوظة «فإن كان الجار المسيحى فى حاجة فتعتبر صدقة، وإن لم يكن فى حاجة فهدية».
سؤال مكرور مكرر متكرر، وإجابة متوقعة، والعجيب لا السائِل يكف عن السؤال ولا الشيخ يكف عن الإجابة، سؤال المسيحيين بات من طقوس العيد، لازم إدخال المسيحى فى جملة مفيدة، واستدعاء الجار المسيحى لإثبات سماحة.
لافت فى غالب الأسئلة المنشورة تسييد نظرية «اليد العليا»، باعتبار المسلم يهدى ويتصدق، والمسيحى متلق للهبات والنفحات والصدقات،
ما تحمله الأسئلة من استجداء، للأسف، تعبير عن حالة مرضية تلبست البعض ممن يتبضعون العطف على المسيحيين!.
وكأن المسيحى ينتظر تحية الصباح من المسلم، والمسلم ينتظر بدوره فتوى من شيخه، وولد المسلم ينتظر الإذن من والده ليلعب مع زميله المسيحى، والوالد المسلم ينتظر الإذن من إمامه، وهكذا دواليك ندور فى حلقة مفرغة.
وتهنئة المسيحيين، وكأن المسيحيين سيؤجلون قداس عيد الميلاد لحين يتحنن عليهم سابع جارٍ مسلم ويعيد عليهم، وطبعا الجار المسلم ينتظر شيخ الجامع القريب يفتى له بجواز تهنئة النصارى!!.
متلازمة الأعياد والمواسم الدينية فتاوى أهل الكتاب، هل يجوز التصدق على المسيحى الفقير من زكاة المال، هل يجوز السلام على المسيحى يوم الجمعة، هل تجوز العيدية للزوجة المسيحية من زوجها المسلم، هل يعيد عليها الزوج المسلم فى عيد الغطاس، هل يصحبها إلى الكنيسة لتصلى يوم الجمعة قبل أن يتجه لصلاة الجمعة فى المسجد المقابل؟!.
ومع قدوم الأعياد تقام على الفضائيات مزادات جمع الحسنات، مثلا، هل يجوز إهداء كحك بسكر لجارنا المسيحى فى عيد الفطر؟، ويرد مولانا، لا مُشَاحَّةَ فِى مَا تقَدّمَهُ، وَلاَ مُمَاحَكَةَ فِيهِ، إِنَّهَا وَاضِحَةٌ بَيِّنَةٌ، مُسْتَحَبٌّ. ويستطرد: والأفضل تهديه كحك بدون سكر، وخلى السكر للنمل. ومثلها، هل يجوز إخراج جُعَل من زكاة المال لمسيحى فقير؟، ويرد مولانا: جائِز بإجماع الشارع، أما زكاة الفطر فللصائمين، والمسيحيون عادة لا يصومون رمضان.
وهل يجوز المشى خلف مسيحى على الرصيف، ويرد مولانا إذا تيقنت من مشيته شمالا، فلا تتبعه.. نحن من أهل اليمين!!.
ومن هذا كثير، فى الحالة المجتمعية المصرية ينظرون إلى المسيحى باعتباره «مفعول به»، قطب سالب ينتظر العطف والحنية والصدقة والهدية، وكأن المسيحى ربنا سخره للمسلمين ليجمعوا عليه حسنات فى الحياة الدنيا، صدقنى لو عاوز تدخل الجنة صاحب واحد مسيحى، فى كل لفتة حسنة، صبحت عليه، مسيت عليه، عيدت عليه، والحسنة بعشرة أمثالها. تخيل، المسيحى للمسلم فى الحياة الدنيا كنز حسنات صدقونى، بس السلفيين مش فاهمين..أو فاهمين غلط؟!.
وعلى سبيل التريند يسأل التقى الورع مولاه، هل يجوز اتجوز مسيحية بروتستانتية؟، ويرد مولانا: يجوز ولو كانت كاثوليكية، إنهن من ذوات الدين، فاظفر بهن تكسب الدنيا والآخرة!!.