توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«سلم نفسك» لـ«خالد جلال»!

  مصر اليوم -

«سلم نفسك» لـ«خالد جلال»

بقلم - حمدي رزق

مهم أن تشاهد رائعة المخرج الكبير خالد جلال الجديدة «سلم نفسك» كتحذير صارخ من عمليات التسليم العقلى الضارية فى المجتمع المصرى، وعندما يرفع الستار يستلمك خالد جلال وشبابه فلا يتركون لك مجالاً للإفلات من الحالة التنويرية التى تعصف بذهنك فتوقظك على خطر محدق، خالد جلال يستنهض المواطن المصرى، يشحن بطاريات المقاومة، يفجر الطاقة الإيجابية، الانتماء للوطن حصن أمان.

خالد جلال لا يصرخ فى عرضه «سلم نفسك»، العرض مزيج من الحنين إلى أيام مضت، يوم كان الإنسان إنساناً، وكان الصدق عنواناً، و«حب الوطن فرض عليه، أفـديه بروحـى وعينيه»، تنساب الروح الوطنية من بين مشاهد العرض بلا زعيق، «خالد» يصوغ مأساة عقل سلّم نفسه طواعية للشائعة فصارت حقيقة، وصار البشر يفتون فيما لا يعلمون فتضيع الحقيقة وتشيع الكذبة، فيفقد المواطن منعته ويسلّم نفسه مغيباً تماماً تحت وهم المعرفة، أبوالعريف يصير أبا جهل عن جهل.

خالد جلال نوع من المخرجين الأسطوات، أسطى خشبة، مسرحجى، يتفنن فى صوغ مشاهده الخاطفة على مهل ويصوغها فى أناة، فتخرج من تحت يديه حتة قطيفة ناعمة حتى الضحكة من القلب، شغل خالد جلال يشرح القلب الحزين.

سر خالد جلال فى فرط حماسه الداخلى يكاد يتفجر إبداعاً، يصنع من الفسيخ شربات سائغ شرابه لذة للمشاهدين، ورشجى متمكن من أدواته، واثق من قدراته، يطوّع المواهب لنصوص ارتجالية تتحول إلى حالة احترافية مذهلة.

لا تصدق أبداً أن هؤلاء «الغيلان المسرحية» الذين لا يتركون لك فرصة لالتقاط الأنفاس، شباب هواة مسرح تعهدهم خالد جلال بالرعاية، يسقى مواهبه الفن المسرحى بالملعقة، «خالد» يجيد صقل المواهب، يجليها إبداعاً وينظمها فى عقد فريد يفيض بهاء على خشبة المسرح، وهو فى الكواليس جد سعيد حتى تطفر من عينيه الدموع، وفى الختام يحتضن أولاده بامتنان.

سلم نفسك لخالد جلال ولن تندم، تود لو طال العرض طويلاً طويلاً، خلاصته «يا بخت من بكانى وبكى عليا ولا ضحكنى وضحك الناس عليا»، خالد يبكيك ويبكى معك على حالنا وما وصلنا إليه من تفريط وكذب وخداع وفتى عن جهالة واحتقار واجتراء وافتراء، «سلم نفسك» مكاشفة قاسية ضاحكة ساخرة، وقفة مع النفس ومع الذات ومع أنفسنا ومع العالم من حولنا لماذا تحولنا لماذا تغيرنا لماذا صرنا على ما نحن عليه؟، يشدد على الانتماء الذى هو طوق النجاة.

المسرح عند خالد جلال وش بابه ليس نزهة خلوية، بل مكاشفة وتشخيص وعلاج بمبضع جراح يعرف طريقه سالكاً إلى موطن الداء، سخريات مريرة بطعم السكريات المحروقة، ينطق بها شباب يقفون على المسرح لأول مرة بعد أن وقفوا بذكاء على مسرح الحياة.

المسرح عند هؤلاء رسالة والخشبة مدرسة، والرقى إبداع، مسرحية خالد جلال «التجريبية» تخلو من المقبلات المصنوعة والوجوه الملونة، شباب وجوههم مقبولة وإفيهاتهم مهضومة، وذكاؤهم فطرى يقطر إبداعاً. محظوظ «خالد» بكبشة المواهب، 27 موهبة فى عرض واحد ساعتين من المتعة الخالصة النظيفة الراقية، مسرح كما يجب أن يكون المسرح تتحقق فيه كل نظريات المسرح دون تعقيد أو افتعال أو اهتبال أو لحس عقل.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سلم نفسك» لـ«خالد جلال» «سلم نفسك» لـ«خالد جلال»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon