بقلم : حمدي رزق
توجه قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، خلال كلمته باحتفال اللجنة العليا للأخوة الإنسانية باليوم العالمى للأخوة الإنسانية بالشكر للدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، نصًّا: «أشكر الإمام الطيب على رفقته فى طريق التأمل، وإطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية، التى لم تكن أمرًا سهلًا.. شجاعته ساعدتنى كثيرا..».
شهادة مستحقة لفضيلة الإمام الأكبر من الحبر الأعظم. «شيخ الأزهر أخى وصديقى» تعبير راقٍ عن الأخوة الإنسانية التى وثقت بنودها الراقية فى وثيقة، تجسيدًا للآية القرآنية الكريمة «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» (إبراهيم/ 24-25).
وثيقة طيبة غُرست فى أرض طيبة، دولة الإمارات الشقيقة، ورعاها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى، وسقاها مقدرون بالمحبة فى مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسى بكلمة تحمل معانى الإنسانية فى تجليها المصرى، استلهامًا لروح الحضارة الإنسانية التى تستبطنها مصر الحبيبة.
لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، هذا ينسحب على شهادة البابا فرنسيس فى حق الإمام الأكبر، شجاعة الإمام أن ينفر إلى هذه الوثيقة فى توقيت تكاثفت سحب التطرف والعنف والإرهاب فى سماء البشرية، نفرة كان لها أكبر الأثر فى دفع الاتهامات العقورة التى تلصق بالإسلام ما تقترفه جماعات الإرهاب، ومواجهة «الإسلاموفوبيا»، التى استفحلت عالميًّا، وصارت نغمة يعزف عليها من فى قلبه مرض من الإسلام دين الرحمة وعنوان الإنسانية. شهادة الحبر الأعظم تضيف لرصيد الأزهر عالميًّا كباب الوسطية والاعتدال الواسع، والأزهر عنوان مصرى عريق، قوة مصر الناعمة ليست فنًّا وأدبًا وفكرًا فحسب، بل وسطية واعتدالًا دينيًّا يجسده الأزهر فى تجلياته الشجاعة فى نبذ العنف والتطرف، وإطلاق الحوار العالمى اتساقًا مع الآية الكريمة «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» (الحجرات/ ١٣).
شهادة البابا فرنسيس تستحق توقفًا وتبينًا، توقفًا إمام استدامة دعم المبادرة التاريخية من قبل الأزهر والفاتيكان، وتبينًا للطريق الصعب لتجسيد دعوته إلى ضرورة تطبيق بنود وثيقة الأخوة الإنسانية قائلًا: «إما أن نكون أخوة أو سينهار كل شىء»، موضحًا أن «هذا الأمر هو تحدى القرن الذى نعيشه، وأن (الأخوة) تعنى الاحترام والاستماع بقلب منفتح، والقبول الصادق، وعلينا ألا نتخلى عنها».