ويقولون المثل لمن يتوقع شيئًا طيبًا من مصادر شريرة، كأن تتوقع هدية من بخيل، أو أمانة من لص، أو عطية بلا مقابل ممن غرضه دائمًا الربح، معلوم الحداية لن ترمى كتكوتًا إلا في حالة واحدة، إن أرادت أن تستعمله طُعمًا لاصطياد صيد أكبر.
جماعة «الفوضى الخلاقة» في الكونجرس الأمريكى يضغطون بحجب «جُعل» من المعونة الأمريكية بحجج حقوقية مزعومة، استقطاع (85 مليون دولار) قضمة أولى.
اللوبى الديمقراطى في الكونجرس الكاره لمصر يضغطون بالمعونة، لهم فيها مآرب أخرى، تحديدًا للإفراج عن «قائمة بلينكن» التي تضم نشطاء مخربين، وإخوانا إرهابيين، وسيضغطون في قادم الأيام للتأثير على مسار الانتخابات الرئاسية.
يتلمظون لقضمة أكبر من المعونة، بلاها المعونة، مصر لا تحتاج دولاراتكم، ترفضها مصر الأبية، الله الغنى، أنتم من تحتاجون إلى مصر وبالسوابق تعرفون، لو لفتت مصر وجهها شرقا للطمتكم على وجوهكم الحمراء.
ما هذا الصلف السياسى والاستكبار، الشعب المصرى يستكرهون المعونة الأمريكية أصلا، وإذا تجسدت المعونة عامل ضغط، مرفوضة ولو على الرقاب.. مصر لا تُضغط أبدا.
معلوم، رمزية المبلغ المقتطع عنوة من المعونة (85 مليون دولار)، ترضية لبعض الاتجاهات المعادية لمصر، تحركها لوبيات الحزب الديمقراطى وتصوغها خارجية بلينكن.
صحيح المبلغ المقتطع لا يكفى مصر فطور يوم واحد (عيش وفول وطعمية وبصل)، ولا يمول مشروعًا صغيرًا تحت كوبرى من مشروعات دولتنا الكبيرة، لكن كما يقولون الغرض مرض، ولا تزال بعض الشخصيات الأمريكية النافذة في الكونجرس، من الحزب الديمقراطى، تحط سياسيًا بالمعونة على مصر كل حين.
لافت، كراهية قطاع من الديمقراطيين لنظام حكم ٣٠ يونيو، رفضا صريحًا لهذه الثورة العظيمة التي أطاحت مخططهم في إقامة دولة الإخوان في مصر، ورسخ لديهم اعتقادًا صحيحًا أن مصر وراء سقوط الإخوان في المنطقة، ثورة مصر حفزت الشعوب العربية لإطاحة هذا التنظيم الفاشى دون خَشْيَة من إرهابه الأسود.
إسقاط الإخوان في القاهرة كإطاحة «حجر الزاوية»، فتداعت أحجار «الدومينو» تواليا محدثة ضجيجًا هائلًا، وحاقت بالإخوان الهزائم المتوالية.
اندحار الإخوان سببه ثورة الشعب المصرى كما تلح مراكز التفكير الأمريكية على عقل الإدارة الديمقراطية، لذا يعاقبونه كلما سنحت الفرصة اقتطاعًا من المعونة.
ما لا يعلمه الرئيس «بايدن»، أن قضم قسم من المساعدات والتصرف فيها بعيدًا عن القاهرة، رسالة سلبية تمامًا، ومرفوضة بالكلية، وعلى بايدن أن يطلب ترجمة القول العربى المأثور «تجوع الحرة»، والحرة (مصر) لن تجوع بل تشبع كرامة.
السياسات الأمريكية المتوارثة من زمن المأسوف على شبابه «باراك أوباما» لن تحرك ساكنا ضغطا وكرها، مصر دولة كبيرة وعصية على الضغوط، وصبرها ودبلوماسيتها الحكيمة من موقع قوة، ولا تذهب إلى مكايدات، ولا تبنى علاقاتها على ظرف طارئ، استراتيجيتها ثابتة ومتوازنة وقراراتها تبرهن على إرادة دولة قوية، لا تخضع لأصحاب الأصوات الحقوقية الزاعقة.
مصر العظيمة بإرادة وطنية حرة تراجع ملفاتها الحقوقية، والإفراجات تواليا وفق القانون وروح القانون تسرى، ولا تقبل أن يملى عليها أحد الإفراج عن أسماء بعينها تضمها قائمة سوداء سبق أن سربها وزير الخارجية الأمريكى «بلينكن»، ورفضت في حينهاـ ومرفوضة آنيا وتاليا.