بقلم - حمدي رزق
مَن ولد فى شهر إبريل فقد امتلك نصف حظ الدنيا، ومواليد إبريل يميلون دائمًا إلى الصدق. مفارقة شهر إبريل أكذب شهور السنة، واشتهر بكذبته الشهيرة «كذبة إبريل»!!.
ليست كذبة على الإطلاق، عدد أيام الإجازات فى شهر إبريل 13 يومًا، تشمل عيد تحرير سيناء، فضلًا عن العطلات الأسبوعية الاعتيادية «الجمعة والسبت»، والله يكرمه، رئيس الوزراء، المهندس مدبولى، بكرم حاتمى قرر الفترة من الثلاثاء 9 من إبريل حتى الأحد 14 منه إجازة رسمية، مدفوعة الأجر بمناسبة عيد الفطر.
تحس أن إبريل شهر الإجازات، ودعاء الموظفين فى غسق الليل، اجعل شهور السنة فى دفء إبريل وعطلاته، تقريبًا تتوقف الحياة فى مصر فى إبريل، 13 يوم إجازة يزيدها البعض يومًا، نصف شهر إجازة، رقم قياسى يسجله إبريل هذا العام، يا رب كتر أجازاتنا وعلى قد نيتنا ادينا.
حاصل جمع الإجازات هذا العام 2024 يتجاوز المائة يوم، ثلث السنة تقريبًا إجازات، رقم يجاوز الخيال، رقم لا يتسق مع الحال والأحوال، رقم يصعب معه تحقيق إنجاز يقرب إلى الإعجاز.
مائة يوم إجازة، ونحن فى أمَسّ الحاجة لكل يوم عمل، ولكل ذرة عرق، وفى سباق مع الزمان ننفق وقتًا نحسب فيه الإجازات، ونخطط لها قعودًا، ونمضى أيام العمل ثقيلة انتظارًا للإجازة.
إذا لم تكن هناك إجازة رسمية، لا تقلق، قانون العمل كريم، فيه فسحة للقاعدين على قلبها، تشكيلة إجازات، عارضة ومرضية وفى مجمع الإجازات السنوية ما يكفى ويزيد.
فى مجتمع يترجى الله فى يوم عمل، لا تعجب أن الهيئات والمؤسسات تجبر موظفيها على استنفاد رصيدهم من الإجازات سنويًّا حتى لا تدفع لهم البدلات، والموظف المجد المجتهد لا يملك سوى الرضوخ للمشيئة المؤسسية، ويخرج إلى إجازة تحت إلحاح «عبدالروتين»، وإلا ضاعت عليه الإجازة أو مقابلها.. ينسحب عليه قول بليغ «تعبٌ كُلّها الحياةُ فما أعجبُ إلا من راغبٍ فى ازدياد..».
مجتمع ينشد «حياة كريمة» وهو يتمطى متثائبًا فى سريره، مجتمع فى إجازة، المجتمعات النامية أو التى تنشد تنمية تصل الليل بالنهار فى عمل شاق، المجتمعات الطامحة الطموح تستمتع بالعمل والإنتاج، وتغبطها أرقام الناتج القومى، ونسب النمو، ونحن اتوقف نمونا بدرى من القعود المفرط!!.
حتى الحكومة تتبع سياسة تحريك الإجازات من وسط الأسبوع وتجميعها فى نهايته، تهيئ الأجواء لإجازات طويلة مجمعة، جملة وقطاعى، حتى يريح الشقيانين جنوبهم، كتّر خير الحكومة، لا تنام إلا بعد أن ينام موظفوها ملء الجفون.
أخبار الإجازات من الأخبار الشهية، تفتح النفس، تحقق معدلات من القراءات تتجاوز أخبار العلاوات، هل هناك علاقة بين الإجازات والعلاوات، علاقة عكسية، ولكننا نبدع فى افتكاس المعادلات.
حتى نفهم بعض جيدًا، الإجازات لا هى عيب ولا حرام، ولكن بالعقل، بالمعقول، مستوجب تجديد الخطاب الحكومى، أظنه مصطلحًا جديدًا. الخطاب الروتينى الذى يخاطب موظفيه بروزنامة إجازات سنوية، ويقدس أجندة الأعياد الوطنية والدينية لا يقبل بها مساسًا، يقينًا خطاب يفتقد إلى روح العمل، تنقصه المحفزات الإنتاجية، ويُسيِّد الإجازات توفيرًا للنفقات، يخفف الأحمال ترشيدًا، مثل هذا الخطاب يعود علينا بالخسارة المحققة.