بقلم - حمدي رزق
يجيد رسم الخطوط الحمراء، يخط الرئيس السيسى خطوط مصر الحمراء بأناة وصبر وطول بال، يخط خطًّا بلون الدم في مواجهة مخطط خبيث، نصًّا: «التهجير القسرى للفلسطينيين خط أحمر لا تقبله مصر ولن تسمح به».
القيادة المصرية تعتمد سياسة الخطوط الحمراء، خط أحمر غربًا تجاه ليبيا، وخط أحمر شرقًا باتجاه رفح، الخطوط الحمراء حدود حمراء، ومَن يجاوزها فعلى نفسها جنت براقش.
الرئيس في استاد القاهرة كان حازمًا صارمًا شديد الوضوح، إلا الحدود المصرية، الحدود هي الحرام الوطنى بعينه، مصر تبذل الغالى والنفيس من أجل بقاء القضية الفلسطينية حية راكزة في أرضها، ولكن تصفية القضية على حساب الأرض المصرية من المُحال الذي لا يقبل نقاشًا ولا مناورة، وليس محل صفقات مسمومة.
موقف مصر الثابت والحازم والصارم لجم مخططًا خبيثًا روّجته الدولة العبرية في العواصم الغربية، جاء رسلها المعتمدون فرادى وجماعات يسعون إلى القاهرة بصفقة مسمومة، صفقة مُحلّاة بإغراءات لم ترَ القاهرة مثلها قبلًا، ومُحمَّلة بضغوط رهيبة، ولكن في مصر رجال أمناء حملوا الأمانة، ولا يفرطون في شبر من الأرض، ويتحملون غرمًا، ويؤدون واجبًا، وراءهم شعب أبِىّ كريم لا يقبل الضيم، ولا الدنية في أرضه، أرضه هي عِرضه.
والخطوط الحمراء المصرية يحميها جيش في قلب شعب، وفى الأخير هي تعبير عن صوت العقل المصرى، صوت السلام يعلو فوق كل الأصوات العقورة: «وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا» (الفرقان/ ٦٣).
ورغم كل السخافات والبذاءات والتقوّلات، كسبت مصر معركتها الحدودية بصبر وطول بال، مصر لا تَنْجَرّ إلى معارك مجانية، والجيش المصرى كما وصفه الرئيس السيسى يملك قوة مصنفة عالميًّا، ولكنها قوة عاقلة ورشيدة.
رشادة القوة من حكمة الموقف المصرى المبنى على معادلة صحيحة بأن ما تحله المفاوضات لا يحتاج إلى الاحتكام للسلاح، والجهد المصرى في تعبيد الطريق إلى هدنة الأيام الأربعة، وصفقة تبادل الأسرى، توكيد للموقف المصرى، موقف معتبر عن بصيرة وبعد نظر.
ثلاثية منطلقات الموقف المصرى تتلخص في: وقف القصف والاقتتال، وإدخال المساعدات باستدامة وبطاقة تكفى حاجة المُحاصَرين، وإطلاق الرهائن المدنيين توطئة لإيقاف الحرب والجلوس إلى مائدة مفاوضات تسعى إلى حل الدولتين.
ثلاثية مصرية تعمل عليها الدبلوماسية المصرية بدأب وصبر، والقيادة المصرية تحفز العواصم العالمية على إحاطة (الهدنة) بالرعاية الضرورية، وصولًا إلى اتفاق (لما بعد الحرب) ينتهى إلى معادلة سلامية تنعم بها شعوب المنطقة بعد طول شقاء.
ثلاثية مصر، قاعدة أساس، إذا سكتت المدافع مُدَّت الطاولات، وتفاعلت الحوارات، المعادلة المصرية تحجم الحرب وتمنع اتساع رقعتها، وتلجم القصف، وتلزم المعتدين مواقعهم، وتقطع الطريق على دعاة الحرب.
محورية الدور المصرى في الوساطة وعدالته ومنطلقاته السلمية محل اعتبار، وإذا تحدث الرئيس المصرى أصاخ العالم السمع، هذا رجل يزن مواقفه بميزان الذهب، متسلحًا بالشرف، في زمن عز فيه الشرف.