بقلم - حمدي رزق
لفتنى بيان الخارجية المصرية حول استضافة القاهرة مؤتمرًا يجمع كافة القوى السياسية السودانية، نهاية يونيو المقبل، سبيلًا إلى توافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم فى السودان.
أولًا: المؤتمر جامع شامل، بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، وهذا عين الصواب السياسى، البناء على ما سبق من توافقات، ليست لدينا رفاهية البدء من نقطة الصفر، والأرواح تُزهق والدماء تُهرق، والسودان تتخطفه أجندات دولية، والحرب تمزقه شر ممزق.
ثانيًا: مصر لا تفرض حلًّا، فحسب تعبد الطريق لحوار وطنى (سودانى- سودانى)، يتأسس على (رؤية سودانية خالصة)، الدعوة المصرية ناصعة، ونواياها خالصة، لا تفرض حلًّا، بل تتبنى حلًّا سودانيًّا خالصًا، كما يقولون، ليس لنا فيها مآرب أخرى.
ثالثًا: الدعوة المصرية الجديدة المتجددة، قوامها، وعينها وعبادتها، ودينها وديدنها، الحفاظ على الدولة السودانية الوطنية من مخططات التقسيم والتجزئة والتدخل الأجنبى الذى بات يدق أبواب الخرطوم بأحذيته الثقيلة التى يروج لها متنفذون فى الشأن السودانى كشفت عن وجه قبيح يستهدف سلامة السودان ووحدة أراضيه. وعليه، وقبل أن يستفحل مخطط التقسيم الخبيث، تأتى الدعوة المصرية التى تنطلق من أرضية حادبة على سلام السودان أرضًا وشعبًا وجيشًا وحكومة، سلامته من كل شر، ووقايته من مخطط شرير وفق أجندة خبيثة تتلمظ لثروات السودان، وتنشب مخالبها الحادة فى رقبته تُدميها، ينزف السودان دمًا طاهرًا فى اقتتال أهلى مرير يُمرِّر حلوق المحبين.
من أول طلقة فى الحرب المستعرة، والقاهرة تقف على تخوم السودان، على مسافة واحدة من الأطراف المتناحرة، تذب عن وجه السودان الجميل كل الزواحف والجوارح المتلمظة لقطعة من لحم السودان. القاهرة كانت ولاتزال حائط الصد الأول والأخير فى مواجهة خطر تقسيم السودان، الحرب فى السودان ليست حربًا أهلية، ولكنها مقدمة لمخطط التقسيم الخبيث، الحرب تشتعل فى الأقاليم واحدًا تلو الآخر بنسق يستهدف فصم عرى السودان، ويمزق النسيج الوطنى شر ممزق.
القاهرة تضطلع بمسؤولياتها التاريخية، وعندما كلّت المساعى المشكورة، والوساطات والقمم المتتالية، اتجهت الأنظار صوب الشمال، إلى القاهرة، وما إن قررت الرئاسة المصرية الدعوة إلى حوار دون تقاطع مع غيرها من المسارات السياسية، والوساطات العربية والإقليمية والدولية حتى عم الارتياح الأوساط السودانية ثقة فى نصاعة الموقف المصرى وعطفته الأخوية (عطفة الشقيق).
العقيدة السياسية المصرية راسخة، الحفاظ على الدولة الوطنية، ولاسيما فى السودان الشقيق، واجتماع الإخوة (الأشقاء) على كلمة سواء (وحدة السودان)، وعلى أمن وأمان (الشعب السودانى)، وغوث مَن شردتهم الحرب خارج الديار، وتأمين دخول القوافل الإغاثية الإنسانية إلى المناطق المتضررة، تشكل خارطة طريق واضحة المعالم لخروج السودان من نفق أزمة مظلمة.
دعوة الإخوة (الأشقاء) إلى حوار شامل، يشمل كل قضايا (التحول الديمقراطى)، جامع لكل القوى المدنية السودانية (دون إقصاء) تحت رعاية (حيادية) تتلافى التجاذبات الإقليمية والدولية، يفتح كوة فى الحائط المسدود فى وجه الوساطات على تنوع مصادرها وطروحاتها.
مصر تنظر إلى مستقبل السودان، وبدعوتها إلى الحوار الشامل الجامع، ترتفع فوق الأسقف (المنخفضة) لكثير من المبادرات المختلف عليها بين الإخوة (الأشقاء).
مصر لا تحتكر الحلول، ولا تنفرد بالحلول، بل تصطحب كل الجهود العربية والإقليمية والدولية المقدرة، وتبنى عليها لإنقاذ السودان من غيابات الجب المظلم، لسان الحال فى السودان الشقيق: «فلقد مُدت لنا الأيدى الصديقة».