«أنا حزين».. بكلمة واحدة عبر الدكتور «حسام موافى» عن مشاعره تجاه القصف الإلكترونى المفرط الذى أصابه إذ فجأة.
ليس دفاعًا عن الدكتور موافى، لكن إذا بلغك عن أخيك شىء فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد له عذرًا فقل: لعل له عذرًا.. لكل فعل رد فعل مساوٍ له فى المقدار، ولكن القصف المفرط جاوز المدى الأخلاقى.
أعرف أن شهادتى مجروحة، أعمل مذيعًا فى «صدى البلد»، ونُصحت من أحباب مقدرين بتجنب التعليق حتى لا ينالنى من القصف جانب، ولكن الهجمة على الدكتور «موافى» مفزعة، ماذا جناه ليتم صلبه هكذا على حوائط الفيس، هل ارتكب الكبيرة فى عرض الطريق؟!.
لا تثريب على المحبين، العتب على قد المحبة، ولكن زنابير القفير التى هاجت إذ فجأة أوسعوا الرجل لدغًا، وأثخنوه جراحًا، والله لو مجرم عتيد، عريق فى الإجرام لالتمس له البعض براءة، ووكلوا له محاميًا يدافع عنه.
صورة الدكتور موافى يقبل يد رجل الأعمال «محمد أبوالعينين» مقتطعة بعمدية، وتربص، وبفعل فاعل، من «بث حى» لحفل زفاف كريمة الدكتور موافى.
الصورة أحزنت المحبين، محبتهم للدكتور موافى تترجم كل هذا الأسى، لكنها صورة عفوية، فى طقس عائلى، وفى فرح، وبين أصدقاء.
لم أكن حاضرًا، ولا مدعوًّا، شاهدت أبوالعروسة، (الدكتور موافى)، فى حالة انفعال وتأثر شديدين، كل أب تجتاحه مثل هذه المشاعر، يبقى عاوز يحضن الدنيا كلها فى حضن واحد.
فغلبه تأثره، من تَقْريظ، مَدْح، إِشادة بالحَسَنات والمَزايا، من صديقه الحاج «محمد أبوالعينين»، فقبل يده امتنانًا، لا تصاغرًا، الرجلان بينهما مودة ومحبة وتقدير خاص.
بالمناسبة، آخر مَن يدافع عن الدكتور حسام موافى العبد لله.. لماذا؟.
لأنه كان خصمًا لدودًا لشخصى طوال 12 عامًا فى قضية نشر فى قصر العينى اشتهرت بـ«قضية الغازات الصناعية».
كنت وقتئذ شابًّا يجرب أدواته الصحفية، ويشاء حظه العاثر أن ينشر خبرًا فى مجلة «روزاليوسف»، ليفاجأ بعدها بمحاكمته، قضية أطرافها أسماء ثقيلة، أخفها وقتئذ الدكتور موافى، وخف الريشة كاتب هذه السطور.
قضية وصلت إلى المحكمة الدستورية مرتين، وترافع عن شخصى الفقير إلى الله قامات مثل الأستاذ «كمال خالد»، رحمة الله عليه، وفى الجانب الآخر (المدعى) طيب الذكر الدكتور «خيرى السمرة»، العميد التاريخى لقصر العينى، (صهر موافى وحبيبه)، وترافع عنه قامة بحجم الدكتور «عوض المر»، وفى القضية أسماء أخرى لا يتسع المجال لذكرها.
تمت تبرئة المذكور أعلاه، وإن لم تخنى الذاكرة بتنازل الدكتور موافى عند الدعوى بعد وفاة المغفور له الدكتور السمرة.
التقيت بالدكتور موافى مرات نادرة على هامش مناسبات اجتماعية، وفى كل مرة يتجلى معدنه الأصيل، رقيق، يذوب عذوبة، يملك منجمًا من المادة الخام للأدب، هو عنوان من عناوين مدرسة الأخلاق الحميدة.
لم أنعش ذاكرته ألبتة بما كان منى ومنه، احتفظت بمكان ظليل فى القلب، ورغم ملاحظاتى الموضوعية على برنامجه «ربِّ زِدْنِى علمًا» بقناة «صدى البلد»، الذى يندرج تحت برامج «الإعجاز الطبى فى القرآن»، والربط التعسفى بين المسلمات الطبية، والعبادات الدينية، وهذا ليس محله هذه السطور.. ظل الدكتور موافى وسيظل عنوانًا من عناوين مفكرتى الصغيرة، التى أجمع فيها جواهر التاج فى العلوم والفنون والآداب.