مازلت عند رأيى، وعلى موقفى، ولم أتزحزح قيد أنملة، مشكلة الأسعار فى التجار وليست فى الدولار، وربط سعار الأسعار بالدولار تعمية على مساعِير التجار.
مرت الـ48 ساعة الأولى على اتفاق رئيس الوزراء المهندس مصطفى مدبولى مع كبار مصنعى ومنتجى وموردى السلع الغذائية، والهندسية والإلكترونيات، وممثلى كبريات السلاسل التجارية، (يمثلون أكثر من 70 % من حجم السوق).
وكان التعهد من قبل كبار السوق فوريًا بخفض الأسعار خلال 48 ساعة بما يتراوح بين 15% و20% على أن تزيد مستويات الانخفاض تدريجيًا خلال الأيام المقبلة، لتصل إلى 30% بعد عيد الفطر.
بعد العيد ما يتفتلش الكحك، الـ48 ساعة مرت.. عدت.. فاتت جنبنا، هل حدث الخفض المتفق عليه؟ طيب دلونا عليه، هاتوا برهانكم، أعلنوا قوائم الأسعار قبل وبعد الخفض إن كنتم صادقين.
فى موسم التخفيضات (الأوكازيون) عادة يكتبون السعر الأصلى والسعر بعد الخصم، هلا كتبتم الأسعار قبل الخفض وبعد الـ48 ساعة الماضية؟!
وحتى نكون أمناء وصرحاء، عدد من الشركات تُعد على أصابع اليد اليسرى أعلنت عن خفض مباشر فى الأسعار حتى قبل أن ينتهى اجتماع رئيس الوزراء، على طريقة قبل أن يرتد إليك طرفك، الشركات إياها ومعروف توجهات ملاكها الأصليين، وبعضهم إخوان برخصة، تتجمل سياسيًا، تخاتل الحكومة، وكأنها تكافئ رئيس الوزراء، وبعدها، لا حس ولا خبر ولا تخفيضات، ولا أثر يُذكر، الأسواق بحطة إيدك، كما هى، والأسعار نار من أثر السعار.
كذر الرماد فى العيون المفتحة على مسلكهم الانتهازى، تكذب الشركات علينا بخفض لا يساوى نسبة ضئيلة من السقف الذى خرقته الأسعار تحت مظنة الدولار، يلفون رؤوسنا بخفض ما هو خفض، بخفض من رفع أخير بعد متوالية ارتفاعات مجنونة.
التجار فى بلادنا (تجار الأرنص) بالسوابق يُعرفون، وينكصون عن التفاهمات الحكومية، كم تفاهمات جرت قبل.. إن كنتم نسيتم اللى جرى من تفاهمات هاتوا سجل رئاسة الوزراء تتقرى!!
اسألوا الدكتور على المصيلحى، وزير التموين، خابرهم، وعاجنهم، وخابزهم، وله معهم حوارات فى جولات، لم يكسب منها جولة واحدة، لو أقسم التجار بأغلظ الأيمانات، عادة يحلفون بالطلاق الكاذب، ولو وقّع الموردون على تفاهمات، اللى فيه داء السعار لا يكف عن النهش!!
على الطريقة الكلثومية، ما تصبرنيش بوعود، وكلام معسول وعهود، تجار الأقوات لا يرعوون لتفاهمات، ولا يوفون بعهود، التفاهمات السعرية تصح فى سياقات طبيعية، ولكن فى الأزمات المخططة التى تعكس بالسالب على الشارع، لا يجوز ترك المستهلك نهبًا لشهوات التجار.
إنما للصبر حدود، عادة «تجار الأرنص» ينشطون فى الأزمات لمص دماء المستهلكين دون استشعار لخطورة المسلك الانتهازى سياسيًا..
وهى غلطة ومش ح تعود، معلوم الحكومة تتحرك على أرض زلقة، وتواجه شبكة عنكبوتية من اللوبيات الاحتكارية التى تمكنت من مصادرة الأسواق لصالحها ومصالحها، وتموضعت، ولن تسلم للحكومة طواعية.
الحكومة تيقظت متأخرًا لتعاين الأضرار، ومعالجة الآثار السلبية المتخلفة عن رفع يدها طويلًا من الأسواق تحت زعم حرية السوق، ونظرية العرض والطلب، وهذا زعم مخاتل.
القضية لا هى عرض ولا هى طلب، ولا سوق حرة ولا سوق مقيدة، هناك احتكارات، والحكومة فى قبضتها قانون الاحتكار، أخشى دون (التسعيرة الجبرية المعلنة) وكأن الحكومة تنقش على سطح الماء.