جاء في «تاج اللغة وصحاح العربية» للجوهرى، «السفساف، الردىء من كل شىء، والأمر الحقير»، والجوهرى هو إسماعيل بن حمّاد الْجَوْهَرى، هو عالم ولغوى، يُكنى بأبى نصر، أصله من «فاراب في كازاخستان حاليًا».. هو ثانى مَن حاول الطيران بعد عباس ابن فرناس، ومات في سبيله!!.
لا أزعم عقلًا، ولا أدَّعِى حكمة، ولكن عقلى شَتّّ، جُنَّ جُنُونُهُ، ترتيب الأولويات مستوجب، والصغائر لا تُلهينا عن المعارك، لا نملك رفاهية الاحتراب على سَفَاسِف الأمور، توافهها التي تُنبئ عن الخفة والضحالة والعبثية.
تخيل مصر في مفرق وجودى، والاشتغالات الوهمية تُدير الرؤوس عن الهَمّ الرئيس، الحدود أَوْلَى بالتركيز الشعبى، والاحتشاد من حول القيادة السياسية دعمًا في معركة مصيرية، معركة وطن.
السوس اللى بينخر في عضم البلد يُعجزنا عن إدراك ما يجرى، ويُلفتنا عن قضايا وطن يستحق الحياة. تخيل سيناريوهات الحرب في غزة، ومحاولات تفكيكها من حول عنق البلد، والناس في شغل بفيديو محمد صلاح، ومقابلة باسم يوسف، والمقارنة والمفاضلة والمقاربة بينهما، وكلاهما يستحق التحية والاحترام، كل يدعم بطريقته، بما تيسر، يُشكر على كل حال.
سفاسف الأمور بلغت «نمبر وان»، الفنان محمد رمضان طالع في فيديو يهرتل ليحتل «الترند» بعنتريات ممجوجة، يتحدث عن سلاح لم يرَه في حياته، ولم يُمسكه إلا في مشاهد سينمائية!!.
ومثله كثير، وهلم جرا من هوامش هامشية تحرفنا عن جادة الطريق، مَن ذا الذي يستحضر الهوامش بكثافة ويحرفنا عن المتون، مَن يشغلنا عن مستقبلنا؟!.
جد بجد هل فيديو «صلاح» أم المعارك الوجودية، هل «…» باسم قضية تستنفد «الوقود الحيوى» لهذا الوطن، هل هذه معارك تُسْتَلّ فيها النصال، وتتناطح الرؤوس؟!.
مثل هذه الهوامش تصرفنا عن المعارك المصيرية التي يخوضها رجال مصر الأوفياء، في القيادة والحكومة والجيش والشرطة والاستخبارات، هل هذه قضايا ننفق فيها كل هذا الوقت والجهد، وتشغل ليلنا ونهارنا؟!.
تخيل جنود مصر وزهرة شبابها يقفون ليل نهار زنهار يحرسون الحدود في درجات حرارة يذوب من قيظها عين القطر (النحاس)، والفضائيون فاضيين لتًّا وعجنًا، ويتبعهم الغاوون، يعدون اللايكات، والمشاهدات، وفضائيات الليل وآخره مشغولة شغل السنين بسفاسف الأمور.
ما هذا السخام الذي نتترى فيه، تحس البلد راكبها جن مصور، كل يوم ينفث افتكاسة من منخاره الفظيع، والافتكاسة من دخان ونار مثل عادم السيارة الخربانة تعمى العيون، وتتحول الافتكاسة إلى انتكاسة، ويتناحر الإخوة الأعداء، والمعركة قايمة والكفاح دوّار.
الفضائيون في شغل، في حتة تانية خالص، «الترند جنن البلد»، منه لله اللى اخترع «الفيس»، وأدعى من قلبى على اللى اخترع تويتر وإنستجرام.. الناس عايشة في عالم TikTok!!.
بين ظهرانينا ناس خبيثة، قدروا يسرقوا دماغ الشعب في غفلة، الناس تنام وتصحى على أخبار الفيس المفسفسة، وفيديوهات يوتيوب المفتكسة.
في مثل هذه الأجواء المشحونة سياسيًّا وعلى مستويات دولية، والقيادة تخوض واحدة من أخطر معارك الوطن يصرفون الانتباه إلى تفاهات، ويحتربون، وينتحرون اختلافًا، آخرها معركة «فخر العرب» بين باسم وصلاح، وكلمة من هنا ورد من هناك، وحسمها باسم بأريحية لصالح صلاح.. للأسف وكسة مجتمعية، بالذمة ده اسمه كلام؟!.