توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حفيد الدحدوح

  مصر اليوم -

حفيد الدحدوح

بقلم - حمدي رزق

فى مشهد أبكى العالم، ظهر «الدحدوح» عبر فيديو حزين، وهو يحتضن جثتى زوجته وابنه الكبير.. ويبكى، ثم ظهر وهو يحمل ابنه الصغير ويتمتم: «إنا لله وإنا إليه راجعون»، ومع توالى الفقد، ابنته، حفيده، كاد يسقط من هول الصدمة.

الصرخات والنحيب تصم الآذان من حوله، وهو يقلب كومة الجثث كالمجنون، لعله يظفر بأحد من أهله لم يلقَ حتفه، وجثا ذاهلًا على جثمان حفيده، تقريبًا فقد النطق، فلم يقوَ على الصراخ.. حتى الدموع أبت.

صورة «وائل الدحدوح»، مراسل الجزيرة فى غزة، وهو يعاين مصابه الفادح، ويُحصى خسارته، تقطع نياط القلوب.

الدحدوح رجل المهام الصعبة، أصابته قذيفة مباشرة، فى القلب، طوال أيام المجزرة، يظهر على الشاشة ثابت الجنان، لا تهزه انفجارات، ولا يُتعتعه قصف صواريخ، كان الدحدوح يصف القذيفة تمر فوق رأسه دون أن تهتز أعصابه، متمالكًا قواه ليصف لنا المشاهد البربرية، التى عجزت عن وصفها كتب الوحشية فى سالف العصر والأوان.

المتوحشون ينتقمون من الدحدوح، صوت المنكوبين فى غزة، تخيل الدحدوح وهو يصف قصف المدنيين وسط المدينة، لم يكن يدرى أنه سيحمل فى التو واللحظة جثث أهله، وحدث.

سبحان الله، ظل الدحدوح يُشيع أطفال غزة بصوته المبحوح، وهو ينزف دمعًا، وجاء دوره ليشيع فلذات كبده، سبحانه، نعيش ونحيا على أمل حين يحم القضاء أن يوسدنا الولد التراب بيديه.. راحة، نتمناها قبله، ليس بعده، نتمناه فى حياته، لكن مشيئتك سبحانك تقدر الأقدار.

مجزرة آل الدحدوح عنوان مخضب بالدماء من عناوين غزة المذبوحة، الدحدوح الشاهد الحى على جرائم الاحتلال الصهيونى الغاشم، صوت الدحدوح المبحوح سمعه العالم، سمع أنينه المكتوم.

غزة تُذبح على الهواء مباشرة، ونحن عاجزون عن الغوث، وأطفالها يُقبرون عمدًا ومع سبق الإصرار والتهديد والوعيد، مَن لم يمت من أطفالها من القصف سيموت من الجوع والعطش، ومَن يفر حذر الموت يأتيه الموت بغتة.

لماذا قتلوا حفيد الدحدوح فى المهد صبيًّا، لماذا يقتلون الأطفال؟!، لأنهم وحوش جُبلوا على البربرية والوحشية، حتى التوحش يمكن إدارته، إدارة التوحش، ولكن الوحوش الإسرائيلية فكّت من عقالها، جُنَّت تمامًا، فجبنت عن المواجهة، فاستدارت فى خسة تقتل المدنيين العزل، تدفنهم تحت الأنقاض.

دم حفيد الدحدوح المغدور سيشهد على وحشية لم تُرَ قبلًا، حتى تاريخ الوحشية يتوارى خجلًا أمام بربرية جيش الاحتلال، وحشية نتنياهو ستُضم إلى مذابح سبقت، من مذبحة بغداد إلى مذبحة «نانكينج» الصينية، وبينهما مذابح عبرت لطخت تاريخ الإنسانية بعار لم تغسله مياه المحيطات، ومنها مذابح الأرمن، وستُخلف مجاعة كمثل مجاعة هولودومور الأوكرانية فى النصف الأول من القرن العشرين.

فى وصف هول ما جرى، سيدون التاريخ فى صفحة سوداء لمجزرة غزة، وسيظل التاريخ الإنسانى يتوارى خجلًا من هولها، أيقظت مجزرة غزة أسوأ كواليس البشرية المطمورة تحت مزاعم الحضارة والتحضر، يرتدون رابطات العنف السوداء كذبًا فى مأتم غزة.

دم حفيد الدحدوح المسفوك سيشهد عليهم يومًا، سيشهد على البربرية والوحشية، سيضع العالم أمام ضميره، للأسف إذا كانت هناك لا تزال ضمائر حية فى الغرب، الذى يستخدم «حق الفيتو» حتى يُعمل جزار القرن سكينه القذرة فى بقية رقاب أطفال غزة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حفيد الدحدوح حفيد الدحدوح



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon