بقلم - حمدي رزق
كانت رسالته بليغة لأعضاء الجمعية العمومية فى نقابة الصحفيين، (١٠ يونيو ١٩٩٥)، احتجاجًا على قانون حماية الفساد، (القانون ٩٣)، يومذاك وصف «نظام مبارك» بأنه «سلطة شاخت على مقاعدها».
أستعير مقولة طيب الذكر، الأستاذ «هيكل»، وصفًا لقمة السلطة فى البيت الأبيض، قمة شاخت على مقاعدها، تعانى خرفًا، وتخلط تخليطًا، لا تدرى أين تقف، وتتعثر خطوًا، الكِبَر عِبَر كما يقولون.
ورغم كل أمراض الشيخوخة البادية، تعجب من إصرار الرئيس «جو بايدن» على المضى قدمًا طلبًا لرئاسة جديدة، مضروب بالسلطة، جاءته على كِبَر، وبعد مشوار بيروقراطى طويل فى دهاليز أروقة الحكم فى واشنطن.
بايدن يرفض الاعتزال الطوعى. معلوم أن الساسة الأمريكيين لا يعرفون فضيلة الاعتزال. وزير الخارجية الأمريكى الأشهر، «هنرى كيسنجر»، ظل يتعاطى السياسة حتى باب القبر، عُمّر طويلًا نحو مائة عام، صحيح غادر المسرح السياسى علانية، ولكنه ظل يعبث سياسيًّا فى الأفنية الخلفية للبيت الأبيض حتى باب مقبرة
«أرلينجتون»، بالقرب من نهر «بوتوماك».
هل يعتزل السياسى؟. الساسة المُعمَّرون ظاهرة فى الانتخابات الأمريكية الجارية، المتنافسان الرئيسان، بايدن
(٨٢ عامًا)، وترامب (٧٨ عامًا)، ولكن صحة ترامب تُعينه على خوض السباق الصعيب، وصحة بايدن حدِّث ولا حرج، وعليه أن يستريح مع باقة ورد مشفوعة بخطاب شكر.
مطالبات ديمقراطية حثيثة بالبحث عن مرشح بديل قادر على مواجهة المرشح الجمهورى العتيد، والكلام على نائبة الرئيس «كامالا هاريس».. هل يقبل الشباب الأمريكى بسيدة فى موقع الرئيس الأمريكى؟.
سابقة هزيمة سيدة أمريكا القوية «هيلارى كلينتون» أمام «ترامب» لا تزال ماثلة فى الأذهان، (ترامب قد تغلب على هايلى بنسبة ٥٤.٣٪)، هل يغامر الحزب الديمقراطى بـ«كامالا» ويزج بها فى محرقة «ترامب»؟.
ترامب مستقتل على السلطة، كالبركان النشط يقذف حممه فى وجوه منافسيه، ولا يجفل من اتهامات أخلاقية، يدافع عن سمعته، وقبلها حريته باعتباره مطلوبًا جنائيًّا، يخوض الانتخابات على طريقة قبضايات الشوارع الخلفية فى نيويورك: «يا قاتل يا مقتول»!.
شبح الهجوم على الكابيتول (٦ يناير ٢٠٢١) حاضر فى ذهنية الانتخابات الأمريكية. البيت الأبيض فى مهب ريح ترامبية عاصفة. لو عاد ترامب إلى البيت الأبيض يتحسبون لمذبحة سياسية، وإذا فاز بايدن يتحسبون لمرحلة «الرجل المريض»، أحلاهما مر.
ويصدق فيهما وصف الأستاذ «هيكل»: سلطة شاخت على مقاعدها، والعالم يخشى على سلامه الكونى من مغبة اختيار الأمريكان لفاسد، ويرقب المناظرات الهزلية بخوف ووجل. العالم حاطط إيده على قلبه من اليوم التالى، يا خوف فؤادى من غدِ.