الحقيقة أن هذه السطور بقلم الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، وناقل القول ليس بقائل، وما تعليقى إلا هامش على متن حرّره الوزير. لفتنى بشدة بوست طويل حرّره الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم، على صفحته على «فيس بوك»، وأنا معه تمامًا وأسانده فى مهمته القومية. التعليم قضية قومية.
قبل التطرق إلى «بوست» الدكتور طارق، أتساءل فى مواجهة جماعة «البكّائين» على حال التعليم، ونرجو الشجاعة فى الإجابة: متى خلَت الامتحانات من الغش الجماعى والفردى، ومتى كانت ظاهرة الغش مستهجنة من قِبَل أولياء الأمور، أليس الغش ظاهرة اجتماعية، من غش اللبن فى الأسواق حتى غش الفيزياء فى الامتحانات؟!.
الغش، للأسف، سلوك اجتماعى اعتيادى. بعض الناس ولِّفت على الغش، ولا تستشعر حرجًا، ولا يؤرق الغش ضمائرها، بل البعض يبارك الغش، وعايشين على غش، الغش أسلوب حياة، فلِمَ تستغربون الغش مع أحدث التقنيات الحديثة؟!.
الأسئلة أعلاه من وحى بوست الدكتور طارق، الذى يبدو أنه فاض به الكيل من المزايدات التى تعوقه عن إدراك تطوير العملية التعليمية بتخريبها غشًّا، والأمَرّ منه تبرير الغش، والتعاطف مع الغشاشين، وتحميل الوزارة والوزير وزر الغش الطافح على الشطآن.
بدا الوزير مستغربًا، قائلًا: «الغريب فى نظرى أن الكثيرين يعلقون على الغش وكأنهم تفاجأوا كل مرة، بينما الواقع أن ظاهرة الغش موجودة بكثافة منذ عقود، وتشارك فيها، للأسف الشديد، أطراف كثيرة بالمجتمع، وهناك ضغوط تمارَس من بعض أولياء أمور لتسهيل اللجان، وهناك ضغوط على المراقبين واستغلال الحمامات واستغلال التقنيات ومحاولات تهريب موبايلات ومحاولات تصوير ومحاولات زرع سماعات صغيرة بالأذن، وهذا للأسف موجود منذ أعوام وليس فقط فى الثانوية العامة!».
يتساءل الوزير: أين المفاجأة إذًا؟؟؟.
ويرد بنفسه على نفسه لعلهم يفقهون: «حقيقة بالأرقام، نحن استطعنا تقليص هذه الظاهرة بشكل هائل، ويكفى أنه يتم ضبط كل محاولات الغش الإلكترونى، التى لم تتجاوز (١٠) محاولات من (٦٥٠ ألف) طالب منذ بدء الامتحانات، وهذا إنجاز رائع بجميع المقاييس».
نُثمِّن إنجاز الوزير، ولديه فى هذا الصدد رأى صريح: «الغش مسؤولية مجتمع بأسره وليس مسؤولية وزارة أو حكومة أو جهاز أمنى.. ليحاسب كل ولى أمر نفسه بصدق ويقرر ما إذا كان الأولاد ينجحون بمجهودهم وعن استحقاق فى كل مراحل التعليم أم بوسائل أخرى؟».
ويسأل الوزير سؤالًا مهمًّا: «هل يساعد الإعلام على دراسة الظاهرة والعمل على زيادة الوعى المجتمعى بمخاطرها؟».
ملاحظة مهمة للوزير: «انظروا إلى نتائج الثانوية العام الماضى، ادرسوها جيدًا.. هل استفاد طالب من محاولات الغش؟.. لم يحدث، بل بالعكس تمامًا، وقد صرخ الكثيرون واستغاثوا وعبّروا عن القلق وعدم تكافؤ الفرص العام الماضى بشكل أكبر، وأثبتت النتائج عكس ذلك!».
وينتهى الوزير إلى نتيجة مؤداها: «امتحانات هذا العام أفضل كثيرًا، والغش تقلص إلى أدنى المستويات، ولا يوجد ما يُخِلّ بتكافؤ الفرص مطلقًا». ويترجّى الوزير الجميع، رجاء بسيط: «انتظروا نتائج التحقيقات، الأسبوع القادم، وبعد انتهاء الامتحانات سوف نعلن عمّن تمت معاقبتهم من الطلاب أو الإداريين خلال كل فترة الامتحانات».
خلاصة قول الوزير فى هذا الأمر: لنتذكر أن هذه القضية تعكس جذور المشكلة، وهى انحسار الرغبة الحقيقية فى التعلم، وتعاظم الشهية لدرجات وشهادات بلا تعلم وبأى طريقة.. والله أعلم.