بقلم - حمدي رزق
بمجرد نشر مقال «الغطرسة فى كمباوند المعادى»، أمس، انهالت التعليقات صاخبة، وماذا عن السيدة «نيفين» التى صفعها صيدلى «مستقوى» فى نهار رمضان دون ذنب جنته سوى أنها مسيحية؟!.
عندهم حق وألف حق، كسَيْل الْعَرِمِ طاحت التعليقات غاضبة مستنكرة الحلول العرفية وقعدات العرب، والصلح بعد الصفع، وهلم جرا من وقائع «موالسة مجتمعية» لتقفيل المواضيع، والدنيا ربيع.
فى الأصل الاعتداء مرفوض قطعًا، والاستقواء من الرذائل المجتمعية، وللأسف من الأمراض النفسية المتوطنة والسارية تمكنت من بعض النفوس المتصحرة أخلاقيًا، وتستوجب علاجًا مجتمعيًا ناجعًا، بالقانون ردعًا.
معلوم «آخر الداء الكىّ»، وقد صوّب المثل: «آخر الدواء الكى»، و«آخر الطب الكى»، والمعنى نهاية الداء الكى على كل يد امتدت لتصفع دون خجل مجتمعى أو خوف من قانون.
وكل بجريرته، من مد يده تقطع بالقانون، لسنا فى غابة ولن يحكمنا قانون الغاب، والعلاج بجلسات تحضير الأرواح إياها، وإحنا إخوات، وأهل، وولاد بلد واحدة، وساعة شيطان، وإحنا أهل من صغرنا وجيران طول عمرنا، والضفر ما يطلعش من اللحم، وإن كنتم إخوات اتعاتبوا، وعلى رأى الست «نادية مصطفى»، الصلح خير.. قوم نتصالح، كلها دهانات مرطبة على علة أخلاقية مزمنة.
فكرة المواءمات المجتمعية صلحا، لم تعد ناجعة، لم توفر علاجات شافية، تغرى بالمزيد من الصفعات على وجه المجتمع، والواقعة الأخيرة كاشفة لعورات المجتمع التى يستقوى فيها نفر من المتغطرسين على الطيبين، وتتلون الغطرسة بألوان كئيبة غطرسة المال والجاه والعرق والدين، كلها غطرسة مرفوضة، وممجوجة، وموروثة من حقب كئيبة مرت على البلاد واستوجبت ثورتين فى مطلع العقد الثانى من الألفية الجديدة، ألفية المواطنة والمساواة والحقوق والحريات كاملة غير منقوصة ولكل المصريين.
أخطر ما نعانيه مخلفات الغطرسة من زمن البلطجة، مثل النفايات الخطرة، تشع ثأرية وكراهية مجتمعية، تستخرج أسوأ ما فينا من أمراض كامنة، وأخطرها الروح الطائفية فى المعالجات المجتمعية، والإحالات إلى خانة الديانة، وهذا مرض عضال يحار فيه الأطباء.
الاعتداء مرفوض كسلوك بغيض بغض النظر عن ديانة المعتدى التى تفسر استقواء دينيًا أو ديانة المعتدى عليه التى تترجم استضعافًا دينيًا، والمجتمع الصحى يرفض الاعتداء بغض البصر عن خانة الديانة التى لا تزال تحكم ردود الأفعال غير المتسقة مع روح المواطنة، فتشعلها نارًا وتضع الوطن على شفير الطائفية التى هى باب جهنم.
لزوم ما يلزم ومستوجب التنويه، الغَطْرَسة لا تُحتمل مجتمعيًا، صارت عبئًا مجتمعيًا، والكرماء لا يقبلون مساسًا بالكرامة الإنسانية، واحتشاد الصفحات الإلكترونية فى ظهر المغلوب على أمره استضعافًا حتى يأخذ حقه جديرًا بالاعتبار، رقابة شعبية على السلوك المجتمعى، رقابة صحية، ولن يفلت متغطرس بجريمته.
مهم ألا يتنازل بعد الآن صاحب حق عن حقه، وسيأخذه بالقانون، وليس بالجلسات العرفية، وقعدات العرب، والحكمة تقول لن يضيع حق مستضعف طالما استمسك بحقه، فقط فلترفع جماعة الصلح خير أيديهم عن القانون، تضعيف القانون يضعف المراكز القانونية، ويغل يد العدالة عن إحقاق الحق، والحق أحق أن يتبع.