توقيت القاهرة المحلي 14:00:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ولادة قيصرية

  مصر اليوم -

ولادة قيصرية

بقلم - حمدي رزق

بعد وفاتها، شهيدة تحت القصف، تمكن الأطباء في أحد مستشفيات قطاع غزة من إجراء عملية قيصرية طارئة لسيدة حامل تدعى «دارين أبوشمالة» وإنقاذ جنينها.

سميت المولودة «مكة» بناء على رغبة أخيرة لأمها الشهيدة، و«مكة» ليست الأولى التي تولد من رحم شهيدة، في القطاع، الأطباء عادة ما يجرون عمليات قيصرية لسيدات حوامل استشهدن تحت القصف، ونجحوا في إنقاذ حياة مواليدهن.

صندوق الأمم المتحدة للسكان يلفت أنظار العالم الحر، إلى أن نحو (٥٠ ألف امرأة حامل) في غزة، من المتوقع أن تلد (١٠٪) منهن تحت القصف البربرى.. هؤلاء النسوة يواجهن «كابوسا مزدوجا»، الولادة تحت القصف، كابوس مرعب.

وزارة الصحة في غزة تحزننا أن من بين الشهداء الذين سقطوا خلال الحرب الإسرائيلية البربرية على غزة (٢٠٦٢ شهيدة) حتى ساعته.. ولا يزال نزيف الأرواح يروى أرض فلسطين.

مفارقة قدرية، المرأة الشهيدة تلد مقاوما قبل أن تسلم روحها، تهب القضية شبلا من ذاك الأسد سيزأر حتما في وجه مجرمى الحرب، ويتوعدهم في المهد صبيا..

مجرمو الحرب يطلبونها إبادة جماعية، ولكنهم لا يفقهون سر البقاء، سر الأرض الفلسطينية، سرها في نسوتها، في شجرة الزيتون العفية، شجر معمرة، عمر جدات الشهداء أطول من عمر الاحتلال، يزول الاحتلال وتبقى شجرة الزيتون.. وعد الحق.

الروائى الشهيد «غسان كنفانى» يصفها، يصف المرأة الفلسطينية الصابرة المرابطة المحتسبة قائلا: «هذه المرأة تلد الأولاد فيصيرون فدائيين.. هي تخلف وفلسطين تأخذ».

وفى وصفها قال الشاعر صدقا: «يا غصنًا استعصى كسره على أقوى الرجال، وأصبحت شجرة ثابتة فوق الرمال».

ثبات المرأة الفلسطينية ورسوخها في أرضها معجزة إنسانية تتحدث عنها وتغار منها أشجار الزيتون، دمها عطر، وريحها نفس المقاومين، شجرة عتيقة، تعجب من صمودها في وجه الأنواء والأعاصير والقصف الجوى يدك البيوت فوق الرؤوس.

شجرة قوية عفيّة، صابرة محتسبة، تحمل وتنجب وترضع المقاومين، وتستشهد جوار المجاهدين، في مقدمة الصف وخلف المقاومين، وتتلقى الصدمات قصفا، تهرع لإنقاذ أطفالها، ومن يستشهد منهم تسبل عينيه، تكفنه في ثوبها، وتحمله على صدرها إلى مثواه.

سلو بلادنا، كتب عليهن الصمت البليغ، لا عين بكت، ولا صوت صرخ، نعم قلبها مذبوح بسكين بارد ولكنه قلب شجاع.

أبدًا بلدنا ليل نهار.. بتحب موّال النهار، أم الشهيد تودع الجثامين بزغرودة انتصار يلوح، وتعود إلى فرشتها مكلومة، تنفض تراب أحزانها من على وجهها، ينير ليل غزة، تشحن عزيمتها وتحشد المقاومين لفجر جديد.

تعطرت أرض فلسطين تحت القصف بألفين ونيف من الشهيدات، مثل هذا الشعب بهذه التضحيات عصىّ على الاحتواء، لا يُقهر، لا يُهزم، أرقامه المسجلة إحصائيًا ترهب الاحتلال، كلما سفكوا دمًا، نبتت في الأرض الطيبة أشجار المقاومة.

أرض فلسطين حبلى بالشهداء في الأرحام، خصبة ينبت فيها المقاومون ليلا ليستشهدوا صباحًا.. طوبى للشهداء شيوخًا وشبابًا وأطفالًا.. ونساء.

(جدير بالذكر، في الأسر الإسرائيلى قبل مجزرة غزة ٣٢ فلسطينية حرة، ورهن الاعتقال في سجون الاحتلال ١٨٤ فلسطينية حرة.. سيرين النور قريبا وفق صفقة تبادل الأسرى.. سيستأنفن إنجاب الشهداء).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولادة قيصرية ولادة قيصرية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon